كتاب المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة

يراها إلا ويذكر الله، وهذا من أعظم فوائدها ولذلك كان يسميها بعض السلف مذكرة انتهى. بقي ههنا في سياق المسلسل سؤال عن وجه السؤال والاستغراب فإن مقتضاه ترك السبحة عند بلوغ النهاية واتخاذها في البداية ووجهه أن السالك له في ذكر الله بداية ونهاية، وهو في البداية يحتاج إلى السبحة لعد ذكر لسانه، وإذا بلغ النهاية يصير ذكره قلبيا دائميا، وإذا دام ذكره يستغني عن عده مطلقا بسبحة أو بغيرها، فما وجه اتخاذه السبحة المعدة للعد حينئذ؟
فأجاب الحسن: أن اتخاذها ليس للحاجة بل من أجل مداومة العمل وتعميم الذكر القلب واللسان واليد، وهو السنة إذ كانت الصحابة مع دوام شهودهم بقلوبهم مازالوا يذكرون الله بلسانهم ويعدون الذكر بأيديهم، وكان كذلك هدى النبي صلى الله عليه وسلم وأمره للصحابة، والمطلوب به ترطيب اللسان بذكر الله تعالى مع عدم الغفلة، ومع العقد والعد لأن الجوارح مسؤولات عن أعمالها، مستنطقات بأفعالها يوم القيامة بين يدي الله، فليكن جوابها ونطقها ذكر الله ولذكر الله أكبر والله أعلم.

الصفحة 37