كتاب المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة

ضعيفا بل موضوعا ويروونه، لأنه يجوز رواية الضعيف مع بيان ضعفه، ولو في العقائد والأحكام وبدون بيان الضعف أيضا، في نحو الترغيب والترهيب والمواعظ والقصص وفضائل الأعمال ومناقب الكرام.
وأما رواية الموضوع فتجوز أيضا مع بيان وضعه وإن لم تجز بدون بيانه في شيء من ذلك، لمن علم بوضعه وإنما الموضوع شر الأحاديث الضعيفة، فإن الضعيف ما عدم فيه صفات الصحة والحسن. والموضوع ما رواه كذاب ولا يلزم من وجود كذاب في السند أن يكون الحديث موضوعا. إذ مطلق كذب الراوي لا يدل على وضع حديثه لجواز صدقه فيه إلا أن يعترف بوضع هذا الحديث بعينه أو ما يقوم مقام اعترافه، كرواية من لا تعرف إلا به عن شيخ توفي قبل ولادته، أو يفهم وضعه بقرينة حالة الراوي كمن روى ما يروج به باطله، أو يتقرب إلى الله جهلا أو إلى خلقه أو يجلب به نفعا أو يدفع به ضرا. أو يفهم بقرينة حال المروي كركاكة ألفاظه ومعانيها.
وقال ابن الجوزي: إن الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب للعلم وينفر منه قلبه في الغالب. وقال الربيع بن خثيم: أن للحديث ضوءا كضوء النهار تعرفه، وظلمة كظلمة الليل تنكره، وبالجملة فقد جرت عادة إثبات الرواة في أمثال هذه الروايات المجروحة ببيان حالها من علة في متنها، أو قدح في رجالها ونحن نتأسى بهم في هذه الرسالة إن شاء الله الجليل، ونقتدي في ذلك بأهل الإنصاف من أصحاب الجرح والتعديل وبالله التوفيق وعليه التكلان، وهو خير دليل ونعم المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الصفحة 5