كتاب كيفية المناظرة مع الشيعة والرد عليهم

الأئمة المعتبرون. فلا بد في ذلك كله من النقل عن الأئمة المجتهدين في الدين العارفين بمعاني الكتاب المبين وبأحاديث النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه أجمعين. فليس لنا أن نقول هذه الآية تدل على كذا وهذا الحديث يدل على كذا إلا بالنقل عن الأئمة المعتمدين لأنا لسنا من أهل الاجتهاد ولا الاستنباط. وقد ذكر العلماء أن مرتبة الاجتهاد قد انقطعت بعد عصر الأئمة الأربعة فلم يوجد بعدهم من فيه أهلية للاجتهاد المطلق. قالوا وأدعاها الإمام محمد بن جرير الطبري وكان إماما جليلا في القرن الرابع فلم يسلموا له بلوغه مرتبة الاجتهاد المطلق وكان متضلعا من العلوم عارفا بالمنطوق والمفهوم. فإذا كان مثل هذا الإمام لم يسلم له الاجتهاد المطلق فما بالك بغيره. إنما عزت رتبة الاجتهاد بعد عصر الأئمة ببعد العهد وضعف العلم بالنسبة إلى زمنهم. لأن المجتهد المطلق له شروط كثيرة منها أن يكون ممتلئا بالعلوم عارفا بالمنطوق والمفهوم وبالناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمجمل والمبين وغير ذلك من الأقسام. ولا بد أيضا من أن يكون عارفا بالحديث وأنواعه من صحيح وحسن وضعيف ومنسوخ وغير ذلك وعارفا بالرجال المقبول منهم وغير المقبول ومطلعا على أقوال الصحابة والتابعين وبقية الأئمة المجتهدين وعلى ما قرروه في الآيات والأحاديث وعارفا بمأخذهم وكيفية استنباطاتهم والقواعد التي بنوا عليها أقوالهم في كل مسئلة وغير ذلك مما ذكر العلماء في شروط الاجتهاد. وكل ذلك في هذه الأعصار أصعب من خرط القتاد لطول المدة بيننا وبينهم مع ضعف العلم وغلبة الجهل فلا يجوز لأهل هذه الاعصار الاجتهاد والاستنباط في شيء من الآيات والأحاديث، بل يجب عليهم الأخذ بأقوال أئمة الدين واتباعهم في كل ما يقولون من الأحكام الفقهية وتفسير

الصفحة 38