كتاب إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

قلت: وهذا الاختلاف إنما هو في العبارة والاصطلاح.
وأما إذا قال الزهري وأبو حازم (¬1) ويحيى (¬2) بن سعيد الأنصاري وأشباههم من أصاغر التابعين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالمشهور عند من خص (¬3) المرسل بالتابعين: أنه مرسل، كما إذا قاله التابعي الكبير.
وحكى ابن عبد البر: أن قومًا لا يسمونه مرسلًا، بل يسمونه منقطعًا، لكون أكثر روايتهم عن التابعين (¬4).
وأما إذا قيل في الإِسناد: فلان عن رجل عن فلان، أو نحوه، فقال الحاكم: لا يسمى مرسلًا، بل منقطعًا (¬5).
¬__________
(¬1) هو الإمام أبو حازم سلمة بن دينار المخزومي مولاهم المدني الأعرج القاص الواعظ الزاهد، أحد الأعلام عالم المدينة، لم يكن في زمانه أحد مثله، مات سنة أربعين ومائة، تذكرة الحفاظ 1/ 133؛ البداية 1/ 75، قلت: ولم يقيد ابن الصلاح ولا المصنف أبا حازم بشيء يميزه به فلهذا اعترض عليه البلقيني بأن أبا حازم ليس من صغار التابعين فإنه سمع من الحسن بن علي رضي الله عنهما ظنا منه أن ابن الصلاح أراد أبا حازم الأشجعي، وليس كذلك فإنه إنما أراد به أبا حازم سلمة بن دينار المخزومي الأعرج وهو لم يسمع من الصحابة إلا من سهل بن سعد وأبي أمامة ابن سهل، وقرينة الحال دالة على أنه المراد ولو لم يكن من القرائن إلا تقديم الزهري عليه في الذكر لأن أبا حازم الأشجعي في منزلة شيوخ الزهري، محاسن الاصطلاح، ص 135؛ النكت 2/ 348؛ توضيح الأفكار 1/ 285.
(¬2) هو الإِمام شيخ الإِسلام أبو سعيد يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري النجاري المدني قاضي المدينة ثم قاضي القضاة للمنصور. مات سنة ثلاث وأربعين ومائة. تذكرة الحفاظ 1/ 137؛ شذرات الذهب 3/ 212.
(¬3) قائله هو أبو عبد الله الحاكم كما تقدم قريبًا. معرفة علوم الحديث، ص 25.
(¬4) التمهيد 1/ 21.
(¬5) معرفة علوم الحديث، ص 18.

الصفحة 169