كتاب إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثًا، فلم يجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها سكنى ولا نفقة بقوله: لا نترك كتاب الله ولا سنة نبينا لقول امرأة، لا ندري لعلها حفظت أو نسيت، لها السكنى والنفقة. قال الله عز وجل: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (¬1).
ومنه قول عائشة رضي الله عنها حينما سمعت حديث عمر رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعذيب الميت ببكاء أهله عليه، رحم الله عمر، والله ما حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله يعذب المؤمن ببكاء أحد. ولكن قال: إن الله يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبكم القرآن: ولا تزر وازرة وزر أخرى (¬2).
وجدير بالتنبيه أنهم إنما كانوا يفعلون ذلك للاحتياط في ضبط الحديث، لا لتهمة أو سوء ظن، فهذا عمر رضي الله عنه يقول: أما أني لم أتهمك ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3).
¬__________
(¬1) سورة الطلاق: الآية 1.
انظر: لهذه القصة صحيح مسلم مع النووي 10/ 104، باب المطلقة البائن لا نفقه لها. وأبا داود في السنن، باب من أنكر ذلك على فاطمة 2/ 717 (ح) رقم 2291.
وانظر: نحوها في الإِجابة لا يراد ما استدركته عائشة على الصحابة، ص 1555.
(¬2) سورة فاطر: الآية 18.
والحديث في صحيح مسلم مع النووي كتاب الجنائز 6/ 231؛ والإِجابة، ص 76.
(¬3) انظر: الرسالة للشافعي، ص 435، فقرة 1198، ويرى ابن حزم رحمه الله أن عمر رضي الله عنه كان يرى ذلك أول مرة، فلما عاتبه أبي رجع عن ذلك، وأصبح يقبل خبر صحابي واحد.
انظر: الأحكام 2/ 140.

الصفحة 47