كتاب إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

الأحاديث من أي إنسان، حتى يذكر أسماء من روى عنهم، إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فقد أخرج مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن سيرين أنه قال: لم يكونوا يسألون عن الإِسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى حديث أهل السنة، فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع، فلا يؤخذ حديثهم (¬1).
وحث علماء الصحابة الناس على الاحتياط في حمل الحديث عن الرواة، وألا يأخذوا إلا حديث من يوثق به دينًا وحفظًا، حتى شاعت في عرف الناس هذه القاعدة: إنما هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذونها (¬2).
كما روى مثل هذا القول عن مالك وغيره (¬3).
وبذلك نشأ علم ميزان الرجال "الجرح والتعديل" الذي هو قطب الرحى بالنسبة لعلوم الحديث. وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضع أساس هذا العلم في حياته، فقال لحفصة أم المؤمنين رضي الله عنها: "إن عبد الله رجل صالح" (¬4).
وهذا تعديل وتزكية لعبد الله بن عمر رضي الله عنه من الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وأما الجرح، فقد روى الخطيب بسنده عن عائشة رضي الله عنها،
¬__________
(¬1) انظر: مقدمة صحيح مسلم مع النووي 1/ 84؛ والعلل للترمذي 5/ 740؛ والكفاية، ص 122؛ والمنهج الحديث في علوم الحديث، ص 20.
(¬2) أخرج ذلك ابن أبي حاتم عن عدد من التابعين في الجرح والتعديل 2/ 15؛ والكفاية، ص 123؛ والإِلماع، ص 60.
(¬3) انظر: الكفاية، ص 124؛ والإِلماع، ص 60.
(¬4) مسند الإِمام أحمد 2/ 5؛ وتهذيب التهذيب 5/ 330.

الصفحة 49