كتاب إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

جميعًا، ولا يسقط المجروح خوفًا من أن يكون فيه شيء عن المجروح (¬1) وحده. وكذا إذا كانا ثقتين فلا يسقط أحدهما للاحتمال المذكور، إلا أن هذا أخف (¬2) من الأول، ولا يحرم الاسقاط في الصورتين لأن الظاهر اتفاقهما (¬3)، والله أعلم.
الحادي والعشرون: إذا سمع بعض حديث من شيخ وبعضه من آخر فخلطه، وروى جملته عنهما مبينًا أن بعضه عن أحدهما وبعضه عن الآخر، جاز كما فعل الزهري في حديث الأفك (¬4)، حيث رواه عن ابن
¬__________
(¬1) قال السخاوي: إذا تقررت صحة حذف المجروح، فالظاهر عدم صحة الاقتصار عليه، لما قد ينشأ عنه تضعيف المتن وعدم الاحتجاج به للقاصر أو المستروح، وفيه من الضرر ما لا يخفى. فتح المغيث 2/ 268.
(¬2) لأنه وان تطرق مثل الاحتمال المذكور أولًا إليه، وهو كون شيء منه عن المحذوف خاصة، فمحذور الاسقاط منه أقل، لأنه لا يخرج عن كون الراوي ثقة، كما إذا قال: أخبرني فلان أو فلان وكانا ثقتين، فالحجة به قائمة لأنه دائر بين ثقتين. فتح المغيث 2/ 268؛ التدريب 2/ 123.
(¬3) أي وما ذكر من الاحتمال نادر بعيد فإنه من الإِدراج الذي لا يجوز تعمده. مقدمة ابن الصلاح، (ص)؛ المقنع 1/ 277؛ التبصرة والتذكرة 2/ 197؛ التدريب 2/ 123.
(¬4) الافك: قال ابن الأثير: هو في الأصل، الكذب، وأريد به ههنا ما كذب على عائشة رضي الله عنها، مما رميت به. النهاية 1/ 56.
وأخرج حديث الافك البخاري في باب تعديل النساء بعضهن بعضًا 5/ 269، (ح رقم 2661)، وكذلك في التفسير والأيمان والاعتصام والتوحيد والمغازي. وأخرجه مسلم في كتاب التوبة باب في حديث الافك وقبول توبة القاذف 17/ 102؛ مع النووي والإِمام أحمد في المسند 6/ 194، كل هؤلاء الناس من طريق الزهري عن ابن المسيب وعروة وعلقمة وعبيد الله.

الصفحة 496