كتاب إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

والمدلس وقبول حديثه، كما أنه ذكر في الأم (¬1) الحديث الحسن وتكلم في الحديث المرسل، وناقش الاحتجاج به بقوة، وبحث في غير ذلك من علوم الحديث.
ولما جاء القرن الثالث، نشطت حركة تدوين الحديث، واستقل كل علم من علومه، استقلالًا متميزًا عن غيره، فصار يقال: علم الحديث الصحيح، وعلوم الناسخ والمنسوخ، وعلم الجرح والتعديل.
وصنفت هذه العلوم مفردة ولكل علم مصنف خاص، فألف (¬2) يحيى بن معين (ت 233) في تاريخ الرجال، وأحمد بن حنبل (ت 241) في العلل والبخاري (ت 256) في الرجال، ويعقوب بن شيبة السدوسي (ت 262) المسند المعلل، ولم يكمله بل جمع فيه ما يقارب ثلاثين جزء أو لو كمل لجاء في مائتي مجلد.
ومنهم من أكثر في هذا القرن من التأليف في أنواع علوم الحديث، كعلي بن المديني (ت 234) فقد ألف في فنون كثيرة، حتى بلغت مؤلفاته مائتي كتاب (*).
كما وجد في هذا القرن من كان يكتب شيئًا في علوم الحديث، ويجعله كمقدمة لكتاب في الحديث، كالإِمام مسلم (ت 261) في صحيحه, وكذا ما كتبه الإِمام أبو داود السجستاني (ت 275)، في رسالة مستقلة إلى أهل مكة في بيان طريقته في سننه. وقد أفرد الإِمام مسلم
¬__________
(¬1) انظر: الأم 8/ 176، باب بيع اللحم بالحيوان، مثلًا؛ والمنهج الحديث في علوم الحديث، ص 20.
(¬2) انظر: الإِعلان بالتوبيخ، ص 109؛ والسنة ومكانتها، ص 110؛ وبحوث في تاريخ السنة، ص 59 - 127؛ ومنهج النقد، ص 61.
(*) انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 350؛ وتذكرة الحفاظ 2/ 429.

الصفحة 53