كتاب إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 2)
حديث: لا يورد ممرض (1) على مصح (¬1) (¬2).
وجه الجمع أن الأمراض لا تعدى بطبعها ولكن الله تعالى جعل مخالطتها سببًا للإِعداء.
فنفى في الحديث الأول ما تعتقده الجاهلية من العدوى بطبعها. وأرشد في الثاني إلى مجانبة ما يحصل بسببه الضرر عادة بقضاء الله تعالى وقدره وفعله (¬3) (¬4). والله أعلم.
¬__________
= وأخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار 1/ 8 (ح رقم 14). والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 309 - 312 كلاهما عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن معروف بن سويد عن علي بن رباح اللخمي عن أبي هريرة رضي الله عنه.
انظر: الجامع الكبير 1/ 914؛ وكنز العمال 10/ 122.
(¬1) ممرض: بضم أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه اسم فاعل من أمرض الرجل إذا أصاب ماشيته مرض. مصح: أيضًا اسم فاعل من أصح إذا أصابت ماشيته عاهة، ثم ذهبت عنها وصحت.
انظر: النهاية 4/ 319، و 3/ 12؛ والصحاح 3/ 1106؛ مادة مرض و 1/ 381 مادة: صح.
(¬2) أخرجه البخاري تعليقًا في الطب باب لا عدوى 10/ 243 (ح رقم 5774) ومسلم في السلام باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة 14/ 214. وعبد الرزاق في المصنف 10/ 404. وابن جرير في تهذيب الآثار 1/ 6 (ح رقم 7). والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 303. كل هؤلاء الناس من طريق أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(¬3) قاله ابن الصلاح وحكاه عنه الحافظ ابن حجر واختاره المصنف.
انظر: مقدمة ابن الصلاح، ص 257؛ وفتح الباري 10/ 161؛ وشرح مسلم 14/ 214.
(¬4) ذكر الحافظ ابن حجر في الجمع بين هذين الحديثين في الفتح ستة مسالك وأطنب في بيانها واختار في النزهة في الجمع بينهما أن يقال: إن نفيه صلى الله عليه وسلم للعدوى باق على عمومه، وقد صح قوله صلى الله عليه وسلم: لا يعدى شيء شيئًا، وقوله صلى الله عليه وسلم لمن عارضه بأن البعير الأجرب يكون في الإِبل الصحيحة فيخالطها فتجرب. حيث رد عليه بقوله: فمن أعدى الأول. يعني أن =