كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 68)

نصيحة فقال اللهم الق في قلوبهم السمع والطاعة لك ولكتابك ولرسولك أدخله فدخل فقال يا أمير المؤمنين هذه وصيتي في هذا الكتاب فإن شئت قرأته عليك وإن شئت حدثتك به قال فأخذ الكتاب فنظر فيه ثم رفع رأسه إليه فقال لك حاجة فقال لا يا أمير المؤمنين قال إن كان لك حاجة فارفعها إلى أمير المؤمنين قال ما لي حاجة قال فانصرف قال فأقام أياما قال ثم قال لي اطلب لي الرجل فطلبته ولا أعرف اسمه ولا منزله فقلت لم أجده فقال ويحك إني أخاف أن تكون قد جئتني بشيطان اطلبه فبينا أنا أدور وجدته فقلت ويحك إن أمير المؤمنين قد ساء بك الظن فائته قال فأتاه فدنا منه حتى أجلسه منه مجلس المسار قال ثم استخرج الكتاب فحدثه بما فيه فإذا لا يخالف حتى قام فجعل ينظر فيه فمرة أعرف فيه الكراهية ومرة أعرف فيه السرور ثم رفع رأسه إليه فقال ألك حاجة قال ما لي حاجة يا أمير المؤمنين قال إن كانت لك حاجة فارفعها إلى امير المؤمنين قال ما لي حاجة قال فاكتم ما جئت به قال فتبعته فقلت لك الله عهدا ألا أخبر بما تخبرني به أحدا ما دام أمير المؤمنين حيا قال إذا أخبرك أنا رجل أقوم من الليل فإذا كان عند الفجر نمت وإني قمت قيامي فنمت نومتي فأتاني آت فقال أجب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت ومن انت فقال أنا بلال قال فذهبت معه حتى أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإذا هو بين الركن والمقام فقال كيف تركت أمتي قال قلت بخير يا رسول الله قال فكيف رضاءهم بعمر بن عبد العزيز قلت ما قام عليهم خليفة لله بعد أبي بكر وعمر يشبهه قال ويحك إنهم ليسوا بخلفاء ولكنهم أمراء المؤمنين ثم قال هل أنت مبلغه عني رسالة قال قلت نعم يا رسول الله قال فاقرءه مني السلام وأعلمه أن السموات والأرض فرحن به يوم قام على الناس أميرا وأعلمه أن الله قد جعل له منك عيني عمر بن الخطاب وقلبه فأما عيناه فلا يمدهما إلى شئ من الدنيا ما كان فيها وأما قلبه فلا يصنع به شيئا من أمر أوليه ومره فليصلح ثلاثا فإن أصلحهن فهو في شئ وإن لم يصلحهم (1) فليس في شئ العرفاء وأصحاب المكوس وأصحاب القبالات وأما العرفاء فيأكلون أموال الأرامل واليتامى وظلما وأما أصحاب القبالات فيأكلون الربا وأما أصحاب المكوس فيأكلون أموال الناس ظلما رواها أحمد بن منصور الرمادي عن أبي النضر (2) إسحاق بن إبراهيم بإسناده نحوه
_________
(1) كذا
(2) تحرفت إلى: النفر بالأصل

الصفحة 26