كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 68)

مستتر عن دين قد ركبه وقال لي قد خرج لك أكثر الحديث فإن عذرت وإلا ذكرت الحال لتعرفها على صورتها فتبينت ما يؤثره من كتمان نفسه فقلت له يا سيدي كل ما لا يتعرف بك نكرة وقد أعنت المسشاهدة عن الاعتذار ونابت الخبرة عن الاستخبار وجاء الخادم ببردعة فرشها بازاء بردعته فنهضت إليها وقام يتفقد أمري بنفسه وغلب علي النوم إلى أن أيقظني هو السحر فأردت توديعه وحاذرت إزعاجه فخرجت ولقيني الخادم يريد إنباهه وتعريفه انصرافي فأقسمت عليه أن لا يفعل ووجدت غلامي قد بكر بالدابة كما أمرته فركبت منصرفا ومحدثا نفسي بالعودة إليه والتوفر على مواصلته وأخذ الحظ منه ومتوهما أن ما كنت فيه مناما (1) لطيبه وقرب أوله من آخره واعترضتني اشغال أدت إلى اللحاق بحضرة سيف الدولة فسرت على أتم حسرة بما فاتني من لقائه ومعرفة حقيقه خبره وقلت في ذلك * ويوم كأن الدهر سامحني (2) به * فصار اسمه ما بيننا هبة الدهر جرت فيه أفراس الصبا بارتياحنا * إلى دير مران المعظم والعمر بحيث هواء الغوطتين معطر ال * نسيم بأنفاس الرياحين والزهر فمن روضة بالحسن ترفد روضة * ومن نهر بالفيض يجري على نهر وأهدت لي الأيام فيه مودة * دعتني في ستر فلبيت في ستر أتى من شريف الطبع أصدق رغبة (3) * تخاطبني من منطق النظم في والنثر فكان جوابي طاعة لا مقالة * ومن ذا الذي لا يستجيب إلى اليسر فلاقيت ملء (4) العين نبلا وهيئة * محلى السجايا بالطلاقة والبشر فأحشمني بالبر حتى ظننته * يريد اختداعي عن جناني ولا أدري ونزه عن غير الصفاء اجتماعنا * فكنت وإياه كقلبين في صدر مضي وكأني كنت فيه مهوما (5) * يحدث عن طيف الخيال (6) الذي يسري
_________
(1) بالأصل: منام
(2) بالأصل: سامحنا والمثبت عن يتيمة الدهر
(3) بالأصل: انت من شريف الطبع أصدر رغبة
(4) بالأصل: " مكر العين " والمثبت عن يتيمة الدهر
(5) بالأصل: " مهموما " والمثبت عن يتيمة الدهر والتهوم: النوم القليل
(6) بالأصل: الجبال والمثبت عن يتيمة الدهر

الصفحة 261