كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 68)

على الخطايا وإنما أمركم فيها بطاعته ولم يأمركم فيها بمعصية وإنما أعانكم فيها على الحلال ولم يبخل (1) لكم بها الحرام وإنما وسعها لتواصلوا بها ولم يوسعها لكم لتعاطوا فيها إذ كنتم مساكين جياعا عراة تركتم الإثم والحرام حين كنتم أغنياء شباعا بخير وقعتم في الحرام بئس ما (2) صنعتم بأنفسكم ونعم ما صنع بكم ربكم حين كنتم هزالى ضعفى حملتم الأوساق (3) الثقيلة وحين سمنتم عجزتم عنها وحين كنتم عميان (4) بصركم وحين أبصرتم عميتم وحين كنتم صما أسمعكم وحين سمعتم صممتم وحين كنتم جهالا علمكم وحين صرتم معلمين كلكم جهلتم وحين كنتم أمواتا أحياكم وحين أحياكم متم وحين كنتم ضلالا هداكم وحين اهتديتم ضللتم وحين كنتم أذلة مستضعفين سألتم العز والسلطان وحين أعطيتم كفرتم وحين كفر الناس استقبحتم وحين فتح لكم ضيعتم وحين صرفت عنكم الدنيا أخلصتم أعمالكم وحين فتحها عليكم
(5) يا صاحب العلم إن الأجر محروص عليه ولا يدركه إلا من عمل ولا يفتح إلا لمن يسأله ولا يجده إلا من طلبه يا صاحب العلم إن الشجر يتفاضل في الثمار وكذلك تتفاضل الرجال بالقول والأعمال يا صاحب العلم إن الشجر لا يكمل إلا بالثمر وطيبه فكذلك لا يكمل الدين إلا بتحرج عن المحارم يا صاحب العلم إن الماء يطفئ النار وكذلك ينبغي للعلم أن يطفئ الغضب يا صاحب العلم إن الزرع لا يصلح إلا بالماء والتراب وكذلك الإيمان والعمل يا صاحب العلم كل شئ إنما ينبت بالزرع وكذلك الله يجزى كل عامل بما عمل يا صاحب العلم إنه لا يجتنى الماء والنار في إناء واحد كذلك لا يجتمع الفقه والغناء في قلب واحد يا صاحب العلم إذا زال القلب عن حب النصر لله فإنه كالحجر الثقيل يجر من الهبوط إلى الصعود يا صاحب العلم إنه لا يكون مطر بغير سحاب كذلك لا يكون (6) مرضاة الله إلا بقلب نقي
_________
(1) بدون إعجام بالأصل ولعل الصواب ما ارتأيناه
(2) بالأصل: بيسما
(3) الأوساق واحدها وسق والوسق: ستون صاعا أو حمل بعير ويجمع أيضا على: وسوق وأوسق (انظر تاج العروس: وسق)
(4) كذا بالأصل
(5) غير مقروءة بالأصل
(6) بالأصل: يكون

الصفحة 67