كتاب البيهقي وموقفه من الإلهيات
وأحسب أن المناهج الملتوية التي تشعبت آراؤها، واختلفت أهواؤها وأشربتها بعض النفوس التي تأثرت بالثقافات الواردة قد حجبت أصحاب هذه المناهج من الرؤية الصحيحة التي أعطانا إياها القرآن الكريم في هذا السبيل.
ولقد تعرضت جوانب العقيدة الإسلامية في بعض فترات التاريخ إلى كثير من صور التأويل والتشبيه، والتعطيل والتشويه، الأمر الذي أبعدها عن نقائها وصفائها، فانحسر أثرها في المجتمع الإسلامي، وذاقت الأمة بسبب ذلك من الفوادح الكثير.
إلاّ أن الله عز وجل - رحمة بهذه الأمة - قيض لها من أبنائها - في حلقات متصلة - من حفظ لها تراثها، وتوفر على شرح قواعد عقيدتها، ونفي كل دخيل عليها، والإبقاء على هذه القواعد نقية صافية كما تنزلت من قبل الوحي الأعلى.
وفي الحديث: "لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله لا يضرّها من خالفها" [1] .
وهذه الطائفة هم العلماء والمجاهدون الذين ينشرون الخير وله يحرسون كما قال عليه السلام: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين" [2] .
__________
1 ابن ماجة وأحمد (فيض القدير، 6/396) .
2 مجمع الزوائد، 1/140، ط ثانية، وقال: رواه البزار.
الصفحة 13
356