كتاب البيهقي وموقفه من الإلهيات

هذا عن مذهب السلف في الصفات عامة.
أما بالنسبة للاستواء خاصة فقد ثبت عن غير واحد من السلف أنهم فسروه بما يتفق مع مذهبهم من الإثبات، فقد قال الإمام أبو حنيفة - رحمه الله - في تفسير معنى الاستواء: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أي: علا1.
وقال أبو العالية: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} ارتفع.
وقال مجاهد: "استوى": علا على العرش2.
وحكى مقاتل والكلبي عن ابن عباس "استوى بمعنى استقر، وفسر أبو عبيدة استوى بمعنى صعد"3.
وبهذه التفسيرات الواردة عن غير ابن عباس في تفسير الاستواء بالعلو والارتفاع، يندفع ما وجهه البيهقي إلى التفسير الذي ذكره عن ابن عباس من أنه فسر قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} أي: صعد4.
حيث ذكر أن هذا النقل عن ابن عباس فيه ضعف لضعف ناقله وهو الكلبي. واختار التفسير القائل: إن استوى بمعنى أقبل، فقد قال - رحمه الله – استوى: بمعنى أقبل صحيح، لأن الإقبال هو القصد إلى خلق السماء والقصد هو الإرادة، وذلك هو جائز في صفات الله تعالى ولفظ ثم تعلق بالخلق لا بالإرادة5.
__________
1 غاية الأماني في الردّ على النبهاني1/460.
2 صحيح البخاري مع شرحه13/403.
3 الإتقان للسيوطي2/706.
4 الأسماء والصفات ص: 412.
5 الأسماء والصفات ص: 413.

الصفحة 345