كتاب فضائح الباطنية

الْمَرَاتِب عَارِفًا للمناصب معولا على راى من يوثق بدهائه وكفايته ومضائه وصرامته وشفقته وديانته وَهَذَا هُوَ الرُّكْن الاعظم فِي تَدْبِير الامور فان الاستبداد بِالرَّأْيِ وان كَانَ من ذوى البصائر مَذْمُوم ومحذور وَقد وفْق الله الإِمَام بتفويض مقاليد أمره إِلَى وزيره الَّذِي لم يقطع ثوب الوزارة الا على قده حَتَّى استظهر بآرائه السديدة فِي نَوَائِب الزَّمَان ومعضلات الْحدثَان ومراعاة مصَالح الْخلق فِي حفظ نظام الدّين وَالْملك وَهُوَ الْجَامِع للصفات الَّتِي شَرطهَا الشَّرْع وَالْعقل فِي الْمُدبر والمشير من متانة الدّين ونقاية الرأى وممارسة الخطوب ومقاساة الشدائد فِي طوارق الايام ورزانة الْعقل والعطف على الْخلق والتلطف بالرعية وبمجموع هذَيْن الامرين يفهم مَطْلُوب الْكِفَايَة فان مقصودها اقامة تناظم الامور الدِّينِيَّة والدنيوية وَهَذِه قَضِيَّة يسْتَدلّ على وجودهَا بمشاهدة الاحوال والافعال فَلْينْظر الْمنصف كَيفَ عالج معضلات الزَّمَان بِحسن رايه لما استاثر الله بِروح الامام المقتدى وامتع كَافَّة الْخلق بالامامة الزاهرة المستظهرية وَقد وَافق وَفَاته احداق العساكر بِمَدِينَة السَّلَام وازدحام اصناف الْجند على حافتها وَالزَّمَان زمَان الفترة وَالدُّنْيَا طافحة بالمحن متموجة بالفتن وَالسُّيُوف مسلولة فِي اقطار الارض وَالِاضْطِرَاب عَام فِي سَائِر الْبِلَاد لَا يسكن فِيهَا اوار الْحَرْب وَلَا تنفك عَن الطعْن وَالضَّرْب وامتدت اطماع الْجند الى الذَّخَائِر ففغروا أَفْوَاههم نَحْو الخزائن وَكَانَ يتداعى إِلَى تَغْيِير الضمائر وثور الاحقاد والضغائن فَلم يزل بدهائه وذكائه

الصفحة 186