كتاب فضائح الباطنية

وَهَذِه الْوَظَائِف الَّتِي ذَكرنَاهَا علمية يجب التَّأَمُّل فِيهَا حَتَّى تتمثل فِي الْقلب فَتكون نصب الْعين فِي كل لَحْظَة وَإِنَّمَا تترسخ هَذِه الْعُلُوم فِي النَّفس إِذا أكدت بِالْعَمَلِ كَمَا سَنذكرُهُ فِي الْوَظَائِف العملية بعد القَوْل فِي الْوَظَائِف العملية
وَهِي كَثِيرَة أولاها وَهِي من الْأُمُور الْكُلية أَن كل من تولى عملا على الْمُسلمين فَيَنْبَغِي أَن يحكم نَفسه فِي كل قَضِيَّة يبرمها فَمَا لَا يرتضيه لنَفسِهِ لَا يرتضيه لغيره فالمؤمنون كَنَفس وَاحِدَة فقد روى عبد الله بن عمر رضى الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من سره أَن يزحزح عَن النَّار وَيدخل الْجنَّة فليدركه مَوته وَهُوَ مُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وليأت إِلَى النَّاس الَّذِي يحب أَن يُؤْتى إِلَيْهِ وروى أنس بن مَالك عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ من أصبح وهمه غير الله تَعَالَى فَلَيْسَ من الله فِي شَيْء وَمن أصبح لَا يهتم بِالْمُسْلِمين فَلَيْسَ من الْمُسلمين
وَمِنْهَا أَن يكون والى الْأَمر متعطشا إِلَى نصيحة الْعلمَاء ومتبجحا بهَا إِذا سَمعهَا وشاكرا عَلَيْهَا فقد روى أَن أَبَا عُبَيْدَة وَمعَاذًا كتبا إِلَى عمر رضى الله عَنْهُم أما بعد فَإنَّا عهدناك وشأن نَفسك لَك مُهِمّ وأصبحت وَقد وليت بِأَمْر هَذِه الْأمة أسودها وأحمرها يجلس بَين يَديك الشريف والوضيع وَالصديق والعدو وَلكُل حِصَّته من الْعدْل فَانْظُر كَيفَ أَنْت عِنْد ذَلِك يَا عمر وانا نحذرك مِمَّا حذرت الْأُمَم قبلك يَوْم تعنو فِيهِ الْوُجُوه وَتجب فِيهِ الْقُلُوب وتقطع فِيهِ الْحجَّة لعز ملك قهرهم جبروته والخلق داخرون لَهُ ينتظرون قَضَاءَهُ وَيَخَافُونَ عِقَابه وانه ذكر لنا أَنه سياتي على النَّاس زمَان يكون اخوان الْعَلَانِيَة أَعدَاء السريرة فانا نَعُوذ بِاللَّه ان ينزل كتَابنَا من قبلك سوى الْمنزل الذى نزل من قُلُوبنَا وَإِنَّا كتبنَا اليك نصيحة وَالسَّلَام فكاتبهما بجوابه وَذكر فِي آخر مَا كتب إنَّكُمَا كتبتما الى نصيحة فتعهداني مِنْكُمَا بِكِتَاب فَإِنِّي لَا غنى بِي عنكما وَالسَّلَام عَلَيْكُمَا

الصفحة 202