كتاب فضائح الباطنية

أَمِيرا أَو عريفا أَو كَاتبا أَو شرطيا أَو جابيا قَالَ ثمَّ ذهب الرجل فَلم يقدر عَلَيْهِ فَأخْبر عمر بِهِ فَقَالَ لَعَلَّه الْخضر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى عَن مَالك بن دِينَار أَنه قَالَ قَرَأت فِي بعض الْكتب مَا من مظلوم دَعَا بقلب محترق إِلَّا لم تَنْتَهِ دَعوته حَتَّى تصعد بَين يَدي الله فتنزل الْعقُوبَة على من ظلمه أَو اسْتَطَاعَ أَن يَأْخُذ لَهُ فَلم يَأْخُذ لَهُ وروى أَبُو هُرَيْرَة أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ويل لِلْأُمَرَاءِ ويل للعرفاء ويل للأمناء ليتمنين قوم يَوْم الْقِيَامَة أَن ذوائبهم كَانَت معلقَة بِالثُّرَيَّا يتدلون بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَأَنَّهُمْ لم يلوا عملا وروى أَبُو بُرَيْدَة عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ لَا يُؤمر رجل على عشيرة فَمَا فَوْقهم إِلَّا جئ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة مغلولة يَده إِلَى عُنُقه فَإِن كَانَ محسنا فك عَنهُ غله وَإِن كَانَ مسيئا زيد غلا إِلَى غله
وَهَذَا الْخطر ثَابت فِي أَن يفرق الْأَمِير بَين نَفسه وَبَين رَعيته فِي الترفه بالمباحات فقد روى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلس يَوْم بدر فِي الظل فَنزل جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد أَنْت فِي الظل وَأَصْحَابك فِي الشَّمْس وروى عَن عمر رضى الله عَنهُ أَنه قَالَ ويل لديان أهل الأَرْض من ديان أهل السَّمَاء يَوْم يلقونه إِلَّا من أَمر بِالْعَدْلِ وَقضى بِالْحَقِّ وَلم يقْض بهوى وَلَا قرَابَة وَلَا رهبة وَلَا رَغْبَة وَلَكِن جعل كتاب الله مرْآة بَين عَيْنَيْهِ وَأَقل الْأُمُور حَاجَة الإِمَام إِلَى تخويف بِحكم السياسة وَقد روى ابْن عمر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من نظر إِلَى مُؤمن نظرة يخيفه بهَا فِي غير حق أخافه الله تَعَالَى بهَا يَوْم الْقِيَامَة وروى أنس بن مَالك أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يُؤْتى بالولاة يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول الرب تَعَالَى أَنْتُم كُنْتُم رُعَاة غنمي وخزان أرْضى فَيَقُول لَهُم مَا حملكم على أَن جلدتم فَوق مَا أمرْتُم فَيَقُول أَي رب غضِبت لَك فَيَقُول أينبغي لَك أَن تكون أَشد غَضبا مني وَيَقُول

الصفحة 210