كتاب فضائح الباطنية

الْخطاب فِي مَنَامِي فرأيته بعد اثنى عشرَة سنة كانما اغْتسل واشتمل بالازار فَقلت يَا أَمِير المؤمين كَيفَ وجدت الله تَعَالَى قَالَ يَا أَبَا عبد الله كم مُنْذُ فارقتكم قلت مُنْذُ اثنتى عشرَة سنه قَالَ كنت فِي الْحساب الى الْآن وَلَقَد كَادَت تزل سريرتي لَوْلَا اني وجدت رَبًّا رحِيما فَهَذِهِ حَال عمر وَلم يملك من الدُّنْيَا سوى درة فليعتبر بِهِ
وَقد حكى عَن يزدجرد بن شهريار آخر مُلُوك الْعَجم أَنه بعث رَسُولا الى عمر بن الْخطاب رضى الله عَنهُ وَأمره أَن ينظر فِي شمائله فَلَمَّا دخل الْمَدِينَة قَالَ أَيْن ملككم قَالُوا لَيْسَ لنا ملك لنا أَمِير خرج برا فَخرج الرجل فِي أَثَره فَوَجَدَهُ نَائِما فِي الشَّمْس ودرته تَحت راسه وَقد عرق جنبه حَتَّى ابتلت مِنْهُ الأَرْض فَلَمَّا رَآهُ على حَالَته قَالَ عدلت فأمنت فَنمت وصاحبنا جَار فخاف فسهر أشهد أَن الدّين دينكُمْ وَلَوْلَا أَنِّي رَسُول لأسلمت وسأعود بِإِذن الله تَعَالَى
وَمِنْهَا أَن يكون الْوَالِي متعطشا إِلَى نصيحة عُلَمَاء الدّين متعظا بمواعظ الْخُلَفَاء الرَّاشِدين ومتصفحا فِي مواعظ مَشَايِخ الدّين للامراء المنقرضين وَنحن نورد الْآن بعض تِلْكَ المواعظ فَأَنَّهُ قد روى ان عمر بن الْخطاب كتب إِلَى ابي مُوسَى الاشعري أما بعد فَإِن أسعد الرُّعَاة عِنْد الله من سعدت بِهِ رَعيته وَإِن اشقى الرُّعَاة عِنْد الله من شقيت بِهِ رَعيته وَإِيَّاك أَن ترتع فترتع عمالك فَيكون مثلك عِنْد الله مثل بَهِيمَة نظرت إِلَى خضرَة من الأَرْض فرتعت فِيهَا تبتغي فِي ذَلِك السّمن وَإِنَّمَا حتفها فِي سمنها وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن الْوَالِي مَأْخُوذ بظُلْم عماله وظلم جَمِيع حَوَاشِيه فَكل ذَلِك فِي جريدته وينسب اليه وَقد روى انه أنزل فِي التَّوْرَاة على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام انه لَيْسَ على الامام من ظلم الْعَامِل وجوره مالم يبلغهُ ذَلِك من ظلمه وجوره فاذا بلغه فاقره شركه فِي ظلمه وجوره

الصفحة 212