كتاب فضائح الباطنية

وَقد روى ان شَقِيق البلخى دخل على هَارُون الرشيد فَقَالَ لَهُ أَنْت شَقِيق الزَّاهِد فَقَالَ لَهُ أما شَقِيق فَنعم واما الزَّاهِد فَيُقَال فَقَالَ لَهُ عظني فَقَالَ لَهُ إِن الله تَعَالَى أنزلك منزلَة الصّديق وَهُوَ يطْلب مِنْك الصدْق كَمَا تطلبه مِنْهُ وأنزلك منزلَة الْفَارُوق وَهُوَ يطْلب مِنْك الْفرق بَين الْحق وَالْبَاطِل كَمَا تطلبه مِنْهُ وأنزلك منزلَة ذِي النورين وَهُوَ يطْلب مِنْك الْحيَاء والكرامة كَمَا تطلبه مِنْهُ وانزلك منزلَة عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ يطْلب مِنْك الْعلم كَمَا تطلبه مِنْهُ ثمَّ سكت فَقَالَ لَهُ زِدْنِي قَالَ نعم ان لله دَارا سَمَّاهَا جَهَنَّم وجعلك بوابا لَهَا واعطاك بَيت مَال الْمُسلمين وسيفا قَاطعا وسوطا موجعا وامرك ان ترد الْخلق من هَذِه الدَّار بِهَذِهِ الثَّلَاث فَمن أَتَاك من أهل الْحَاجة فاعطه من هَذَا الْبَيْت وَمن تقدم على نهى الله فأوجعه بِهَذَا السَّوْط وَمن قتل نفسا بِغَيْر حق فاقتله بِهَذَا السَّيْف بِأَمْر ولى الْمَقْتُول فَإنَّك إِن لم تفعل ذَلِك فَأَنت السَّابِق والخلق تَابع لَك إِلَى النَّار قَالَ زِدْنِي قَالَ نعم أَنْت الْعين والعمال الْأَنْهَار إِن صفت الْعين لم يصر كدر الْأَنْهَار وَإِن كدرت الْعين لم يرج صفاء الْأَنْهَار وَقد حكى أَن هَارُون الرشيد قصد الفضيل بن عِيَاض لَيْلًا مَعَ الْعَبَّاس فِي دَاره فَلَمَّا وصل إِلَى بَابه سمع قِرَاءَته وَهُوَ يقْرَأ {أم حسب الَّذين اجترحوا السَّيِّئَات أَن نجعلهم كَالَّذِين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات سَوَاء محياهم ومماتهم سَاءَ مَا يحكمون} فَقَالَ هَارُون للْعَبَّاس إِن انتفعنا بِشَيْء فَبِهَذَا

الصفحة 213