كتاب غاية الوصول في شرح لب الأصول

سيأتي، أو كفا كترك صلاة الضحى، والفرق بين قسمي المقصود وغيره أن الطلب في المقصود أشدّ منه في غيره، والقسم الثاني وهو واسطة بين الكراهة والإباحة زاده جماعة من متأخري الفقهاء منهم إمام الحرمين على الأصوليين، وأما المتقدمون فيطلقون المكروه على القسمين، وقد يقولون في الأول مكروه كراهة شديدة، كما يقال في قسم المندوب سنة مؤكدة، وعلى ما عليه الأصوليون يقال أو غير جازم فكراهة. (أو خير) الخطاب بين الفعل المذكور والكف عنه (فإباحة) وتعبيري بخير سالم مما يرد على تعبيره بالتخيير من أنه يقتضي أن في الإباحة اقتضاء وليس كذلك، وإن كان عن الإيراد جواب وزدت غير كف لأسلم من مقابلة الفعل بالكف الذي عبر عنه الأصل بالترك هو لا يقابل به، إذ الكف فعل والترك فعل هو كف كما سيأتي. (و) بما ذكر (عرفت حدودها) أي حدود المذكورات من أقسام خطاب التكليف، فحد الإيجاب مثلاً الخطاب المقتضي لفعل غير كف اقتضاء جازما، وأما حدود أقسام خطاب الوضع فتعرف من حده المشهور الذي قدمته وهو الخطاب الوارد بكون الشيء سببا الخ. فحدّ السببي منه مثلاً الخطاب الوارد بكون الشيء سببا لحكم شيء، وأما حدود السبب وغيره من أقسام متعلق خطاب الوضع فسيأتي، وكذا حد الحد بالجامع المانع الدافع للاعتراض بأنّ ما عرف رسوم لا حدود، لأن المميز فيها خارج عن الماهية. (والأصح ترادف) لفظي (الفرض والواجب) أي مسماهما واحد وهو كما علم من حدّ الإيجاب الفعل غير الكف المطلوب طلبا جازما، ولا ينافي هذا ما ذكره أئمتنا من الفرق بينهما في مسائل، كما قالوا فيمن قال الطلاق واجب عليّ تطلق أو فرض عليّ لا تطلق، إذ ذاك ليس للفرق بين حقيقتيهما، بل لجريان العرف بذلك أو لاصطلاح آخر كما بينته مع زيادة تحقيق في الحاشية. ونفت الحنفية ترادفهما فقالوا هذا الفعل إن ثبت بدليل قطعي كالقرآن فهو الفرض كقراءة القرآن في الصلاة الثابتة بقوله تعالى {فاقرأوا ما تيسر من القرآن} أو بدليل ظني كخبر الواحد فهو الواجب كقراءة الفاتحة في الصلاة الثابتة بخبر الصحيحين «لا صَلاَةَ لمنْ لَم يقرأ
بفاتِحَةِ الكِتابِ» فيأثم بتركها ولا تفسد به صلاته بخلاف ترك القراءة. (كالمندوب) أي كما أن الأصح ترادف ألفاظ المندوب (والمستحب والتطوّع والسنّة) والحسن والنفل والمرغب فيه أي مسماها واحد وهو كما علم من حد الندب الفعل غير الكف المطلوب طلبا غير جازم، ونفى القاضي حسين وغيره ترادفها فقالوا هذا الفعل إن واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلّم فهو السنّة، إلا كأن فعله مرة أو مرتين فهو المستحب، أو لم يفعله وهو ما ينشئه الإنسان باختياره من الأوراد فهو التطوّع، ولم يتعرضوا للبقية لعمومها للأقسام الثلاثة. (والخلف) في المسألتين (لفظي) أي عائد إلى اللفظ والتسمية،

الصفحة 11