كتاب غاية الوصول في شرح لب الأصول

مما عبر به لما بينته في الحاشية. (ولا يجوز في الأصح كونها الحكمة إن لم تنضبط) كالمشقة في السفر لعدم انضباطها، فإن انضبطت جاز كما رجحه الآمدي وابن الحاجب وغيرهما لانتفاء المحذور، وقيل يجوز مطلقا لأنها المشروع لها الحكم، وقيل لا يجوز مطلقا. وقضية كلام الأصل ترجيحه، ومحل الخلاف إذا لم تحصل الحكمة من ترتيب الحكم على الوصف يقينا أو ظنا كما سيأتي إيضاحه في مبحث المناسبة. (و) لا يجوز في الأصح وفاقا لابن الحاجب وغيره. (كونها عدمية) ولو بعدمية جزئها أو بإضافتها بأن يتوقف تعقلها على تعقل غيرها كالأبوة (في) الحكم (الثبوتي) ، فلا يجوز حكمت بكذا لعدم كذا أو للأبوة بناء على أن الاضافي عدمي كما سيأتي تصحيحه أواخر الكتاب، وذلك لأن العلة بمعنى العلامة يجب أن
تكون أجلى من المعلل، والعدمي أخفى من الثبوتي، وقيل يجوز لصحة أن يقال ضرب فلان عبده لعدم امتثاله أمره. وأجيب بمنع صحة التعليل بذلك، وإنما يصح بالكف عن امتثاله وهو أمر ثبوتي، والخلاف في العدم المضاف بخلاف العدم المطلق لا يجوز التعليل به قطعا، لأن نسبته إلى جميع المحال على السواء، فلا يعقل كونه علة ويجوز وفاقا تعليل الثبوتي بمثله كتعليل حرمة الخمر بالاسكار والعدمي بمثله، كتعليل عدم صحة التصرف بعدم العقل والعدمي بمثله، كتعليل عدم صحة التصرف بعدم العقل والعدمي بالثبوتي كتعليل ذلك بالإسراف.
(ويجوز التعليل بما لا يطلع على حكمته) كتعليل الربوي بالطعم أو غيره. (ويثبت الحكم فيما يقطع بانتفائها فيه للمظنة في الأصح) لجواز القصر بالسفر لمن ركب سفينة قطعت به مسافة القصر في لحظة بلا مشقة، وقيل لا يثبت، وعليه الجدليون إذ لا عبرة بالمظنة عند تحقق انتفاء المئنة، وعلى الأوّل يجوز الإلحاق للمظنة كإلحاق الفطر بالقصر، فيما ذكر فما مر من أنه يشترط في الإلحاق بالعلة اشتمالها على حكمة شرط في الجملة أو للقطع بجواز الإلحاق، ثم ثبوت الحكم فيما ذكر غير مطرد، بل قد ينتفي كمن قام من النوم متيقنا طهارة يده فلا تثبت كراهة غمسها في ماء قليل قبل غسلها ثلاثا، بل تنتفي خلافا لإمام الحرمين والترجيح من زيادتي. (والأصح جواز التعليل بـ (ـالعلة (القاصرة) وهي التي لا تتعدى محل النص (لكونها محل الحكم أو جزءه) الخاص بأن لا توجد في غيره (أو وصفه الخاص) بأن لا يتصف به غيره، فالأوّل كتعليل حرمة الربا في الذهب بكونه ذهبا وفي الفضة كذلك، والثاني كتعليل نقض الوضوء في الخارج من السبيلين بالخروج منهما، والثالث كتعليل حرمة الربا في النقدين بكونهما قيم الأشياء. وخرج بالخاص في الصورتين غيره فلا قصور فيه، كتعليل الحنفية النقض فيما ذكر بخروج النجس من البدن الشامل لما ينقض عندهم من الفصد ونحوه، وكتعليل ربوية البر بالطعم، وقيل يمتنع التعليل بالقاصرة مطلقا لعدم فائدتها، وقيل يمتنع إن لم تكن ثابتة بنص أو إجماع لذلك.
(و) نحن لا نسلم ذلك بل (من فوائدها معرفة المناسبة) بين الحكم ومحله فيكون أدعى للقبول. (وتقوية النص) الدال على معلولها بأن يكون ظاهرا لا قطعيا. (و) الأصح جواز التعليل (باسم لقب) كتعليل الشافعي نجاسة بول ما يؤكل لحمه بأنه بول كبول الآدمي، وقيل لا يجوز لأنا نعلم بالضرورة أنه لا أثر في حرمة الخمر لتسميته خمرا، بخلاف مسماه من كونه مخامرا للعقل فإنه تعليل بالوصف. (و) الأصح جواز التعليل (بالمشتق) المأخوذ من فعل كالسارق في قوله تعالى {والسارق والسارقة} الآية أو من صفة كأبيض فإنه مأخوذ من البياض، وقيل يمتنع فيهما. وزعم الأصل الاتفاق على الجواز في الأوّل، والتعليل بالثاني من باب الشبه الصوري كقياس الخيل على البغال في عدم وجوب الزكاة وسيأتي الخلاف فيه. (و) الأصح جواز التعليل شرعا وعقلاً للحكم الواحد الشخصي (بعلل شرعية) اثنتين فأكثر مطلقا، لأنها علامات ولا مانع من اجتماع علامات على شيء واحد. (وهو واقع) كما في اللمس والمس والبول الموجب كل منها للحدث، وقيل

الصفحة 121