كتاب غاية الوصول في شرح لب الأصول

وهو عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة» . وفي رواية لمسلم «كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب» وقيل يفنى كغيره. وصححه المزني وتأول الخبر المذكور بأنه لا يبلى بالتراب بل بلا تراب كما يميت الله ملك الموت بلا ملك الموت والترجيح من زيادتي، (وحقيقتها) ؛ أي الروح (لم يتكلم عليها نبينا) محمد صلى الله عليه وسلّم. وقد سئل عنها لعدم نزول الأمر ببيانها قال تعالى {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} (فنمسك) نحن (عنها) ، ولا يعبر عنها بأكثر من موجود كما قال الجنيد وغيره والخائضون فيها اختلفوا فقال جمهور المتكلمين، ونقله النووي في شرح مسلم عن تصحيح أصحابنا إنها جسم لطيف مشتبك بالبدن اشتباك الماء بالعود الأخضر. وقال كثير منهم إنها عرض وهي الحياة التي صار البدن بوجودها حيا. وقال الفلاسفة وكثير من الصوفية إنها ليست بجسم ولا عرض بل جوهر مجرد قائم بنفسه غير متحيز متعلق بالبدن للتدبير والتحريك غير داخل فيه ولا خارج عنه، واحتج للأول بوصفها في الأخبار بالهبوط والعروج والتردُّد في البرزخ.
(
وكرامات الأولياء) وهم العارفون بالله تعالى المواظبون على الطاعات المجتنبون للمعاصي المعرضون عن الانهماك في اللذات والشهوات (حق) أي جائزة وواقعة له ولو باختيارهم وطلبهم كجريان النيل بكتاب عمر، ورؤيته وهو على المنبر بالمدينة جيشه بنهاوند حتى قال لأمير الجيش يا سارية الجبل الجبل محذرا له من وراء الجبل لمكر العدوّ ثم، وسماع سارية كلامه مع بعد المسافة وكالمشي على الماء وفي الهواء وغير ذلك مما وقع للصحابة وغيرهم، (ولا تختص) الكرامات (بغير نحو ولد بلا والد) مما شمله قولهم ما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي. (خلافا للقشيري) وإن تبعه الأصل وغيره، فالجمهور على خلافه، وأنكروا على قائله حتى ولده أبو النصر في كتابه المرشد، بل قال النووي إنه غلط من قائله وإنكار للحس، بل الصواب جريانها بقلب الأعيان ونحوه، وقد بسطت الكلام على ذلك في الحاشية، وقيل تختص بغير الخوارق كإجابة دعاء وموافاة ماء بمحل لا تتوقع فيه المياه، (ولا نكفر أحدا من أهل القبلة) ببدعته كمنكري صفات الله وخلقه أفعال عباده وجواز رؤيته يوم القيامة، (على المختار) وكفرهم بعض، وردّ بأن إنكار الصفة ليس إنكارا للموصوف أما من خرج ببدعته عن أهل القبلة كمنكري حدوث العالم والبعث والحشر للأجسام والعلم بالجزئيات، فلا نزاع في كفرهم لإنكارهم بعض ما علم مجيء الرسول به ضرورة وذكر الخلاف من زيادتي. (ونرى) أي نعتقد (أن عذاب القبر) وهو للكافر والفاسق المراد تعذيبه بأن يردّ الروح إلى الجسد أو ما بقي منه حق لخبري الصحيحين «عذاب القبر حق» ، وأنه صلى الله عليه وسلّم مرّ على قبرين فقال «إنهما ليعذبان» . (و) أن (سؤال الملكين) منكر ونكير للمقبور بعد ردّ روحه إليه عن ربه ودينه ونبيه، فيجيبهما بما يوافق ما مات عليه من إيمان أو كفر حق لخبر الصحيحين «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في
هذا النبي محمد؟ فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله، وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري الخ. وفي رواية لأبي داود وغيره فيقولان له من ربك وما دينك وما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول المؤمن ربي الله وديني الإسلام والرجل المبعوث رسول الله، ويقول الكافر في الثلاث لا أدري. وفي رواية البيهقي فيأتيه منكر ونكير. (و) أن (المعاد الجسماني) حق قال تعالى (وهو الذي يبدأ الخلق

الصفحة 167