كتاب غاية الوصول في شرح لب الأصول

ثم يعيده) ، {كما بدأنا أول خلق نعيده} وأنكرت الفلاسفة إعادة الأجسام قالوا وإنما تعاد الأرواح بمعنى أنها بعد موت البدن تعاد إلى ما كانت عليه من التجرّد متلذذة بالكمال أو متألمة بالنقصان. (وهو) أي المعاد الجسماني (إيجاد) لأجزاء الجسم الأصلية ولعوارضه (بعد فناء) لها (أو جمع بعد تفرّق) لها مع إعادة الأرواح إليها فهما قولان. (والحق التوقف) إذ لم يدل قاطع سمعي على تعين أحدهما، وإن كان كلام الأصل يميل إلى تصحيح الأول، وصرّح به شارحه الجلال المحلي، وقد بسطت الكلام على ذلك في الحاشية. (و) أن (الحشر) للخلق بأن يجمعهم الله للعرض والحساب بعد إحيائهم المسبوق بفنائهم حق ففي الصحيحين أخبار «يحشر الناس حفاة مشاة عراة غرلاً» أي غير مختتنين. (و) أن (الصراط) وهو جسر ممدود على ظهر جهنم أدقّ من الشعر وأحدّ من السيف يمرّ عليه جيع الخلائق فيجوزه أهل الجنة وتزلّ به أقدام أهل النار حق ففي الصحيحين أخبار «يضرب الصراط بين ظهري جهنم ومرور المؤمنين عليه متفاوتين وأنه مزلة» . أي تزلّ به أقدام أهل النار فيها. (و) أن (الميزان) وهو جسم محسوس ذو لسان وكفتين يعرف به مقادير الأعمال بأن توزن به صحفها أو هي بعد تجسمها. (حق) لخبر البيهقي «يؤتى بابن آدم فيوقف بين كفتي الميزان الخ» . (والجنة والنار مخلوقتان الآن) . يعني قبل يوم الجزاء للنصوص الواردة في ذلك نحو (أعدّت للمتقين) (أعدت للكافرين) وقصة آدم وحوّاء في إسكانهما الجنة وإخراجهما
منها، وزعم أكثر المعتزلة أنهما يخلقان يوم الجزاء لقوله تعالى {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فسادا} قلنا نجعلها بمعنى نعطيها لا بمعنى تخلقها مع أنه يحتمل الحال والاستمرار. (ويجب على الناس نصب إمام) يقوم بمصالحهم كسدّ الثغور وتجهيز الجيوش وقهر المتغلبة والمتلصصة لإجماع الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم على نصبه حتى جعلوه أهم الواجبات، وقدّموه على دفنه صلى الله عليه وسلّم ولم يزل الناس في كل عصر على ذلك. (ولو) كان من ينصب (مفضولاً) ، فإن نصبه يكفي في الخروج عن عهدة النصب، وقيل لا بل يتعين نصب الفاضل وزعمت الخوارج أنه لا يجب نصب إمام وبعضهم وجوبه عند ظهور الفتن دون وقت الأمن وبعضهم عكسه والإمامية وجوبه على الله تعالى. (ولا نجوّز) نحن أيها الأشاعرة. (الخروج عليه) أي على الإمام وجوّزت المعتزلة الخروج على الجائر لانعزاله بالجور عندهم. (ولا يجب على الله) تعالى (شيء) لأنه خالق الخلق، فكيف يجب لهم عليه شيء، ولأنه لو وجب عليه شيء لكان لموجب ولا موجب غير الله، ولا يجوز أن يكون بإيجابه على نفسه لأنه غير معقول وأما نحو {كتب ربكم على نفسه الرحمة} فليس من باب الإيجاب والإلزام بل من باب التفضل والإحسان. وقالت المعتزلة يجب عليه أشياء منها الجزاء على الطاعة والعقاب على المعصية ومنها اللطف بأن يفعل في عباده ما يقرّبهم إلى الطاعة ويبعدهم عن المعصية بحيث لا ينتهون إلى حدّ الإلجاء، ومنها الأصلح لهم في الدنيا من حيث الحكمة والتدبير.
(
ونرى) أن نعتقد (أن خير البشر بعد الأنبياء صلى الله عليهم وسلم أبو بكر) خليفة نبينا (فعمر فعثمان فعليّ) أمراء المؤمنين (رضي الله عنهم) لإطباق السلف على خيرتهم عند الله بهذا الترتيب، وقالت الشيعة، وكثير من المعتزلة الأفضل بعد الأنبياء عليّ، وذكر خيرية الأربعة على أمم غير نبينا من زيادتي. (و) نرى (براءة عائشة) رضي الله عنها من كل ما قذفت به لنزول القرآن ببراءتها قال تعالى {إن الذين جاءوا بالإفك}

الصفحة 168