كتاب غاية الوصول في شرح لب الأصول

أي يعاقب كلاً منهم وأيد بصحة استثناء الواحد منه نحو جاء الرجال إلا زيدا، ولو كان معناه جاء كل جمع من الرجال لم يصح إلاأن يكون منقطعا، نعم قد تقوم قرينة على إرادة المجموع نحو رجال البلد يحملون الصخرة العظيمة أي مجموعهم والأول يقول قامت قرينة الآحاد في نحو الآيتين المذكورتين.
(و) كـ (ـالمفرد كذلك) أي المعرف باللام أو الإضافة ما لم يتحقق عهد، فإنه للعموم حقيقة في الأصح لما مر قبله سواء تحقق استغراق أم احتمله والعهد حملاً له في الثاني على الاستغراق لأنه الأصل لعموم فائدته نحو {وأحل الله البيع} أي كل بيع وخص منه الفاسد كالربا ونحو. {فليحذر الذين يخالفون عن أمره} أي كل أمر لله وخص منه أمر الندب، وقيل ليس للعموم مطلقا بل للجنس الصادق بالبعض كما في لبست الثوب ولبست ثوب الناس لأنه المتيقن ما لم تقم قرينة على العموم كما في {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} وقيل المعرف باللام ليس للعموم إن لم يكن واحدة بالتاء وتميز بالوحدة كالماء والرجل، إذ يقال فيهما ماء واحد ورجل واحد فهو في ذلك للجنس الصادق بالبعض نحو شربت الماء، ورأيت الرجل ما لم تقم قرينة على العموم نحو الدينار خير من الدرهم أي كل دينار خير من كل درهم، بخلاف ما إذا كان واحده بالتاء كالتمر أو لم يكن بها ولم يتميز بالوحدة كالذهب فيعم كما في خبر الصحيحين «الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء» . وقولي كذلك أولى من اقتصاره على المحلى أي باللام فإن تحقق عهد صرف إليه جزما وكأل المعرّفة أل الموصولة هنا وفيما قبله (والنكرة في سياق النفي) وفي معناه النهي (للعموم وضعا في الأصح) بأن تدل عليه بالمطابقة كما مر من أن الحكم في العام على كل فرد مطابقة، وقيل للعموم لزوما نظرا إلى أن النفي أوّلاً للماهية، ويلزمه نفي كل فرد فيؤثر التخصيص بالنية على الأول دون الثاني في نحو والله لا أكلت ناويا غير التمر فيحنث بأكل التمر على الثاني دون الأول وعموم النكرة يكون (نصا إن بنيت على الفتح) نحو لا رجل في الدار. (وظاهرا إن لم تبن) نحو ما في الدار رجل. لاحتماله نفي الواحد فقط فإن زيد فيها من كانت نصا أيضا كما مر في الحروف والنكرة في
سياق الامتنان للعموم نحو {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} قاله القاضي أبو الطيب وفي سياق الشرط للعموم نحو {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره} أي كل واحد منهم وقد تكون للعموم البدلي لا الشمولي بقرينة نحو من يأتني بمال أجازه. (وقد يعم اللفظ) إما (عرفا كـ) ـاللفظ الدال على مفهوم (الموافقة) بقسميه الأولى والمساوي (على قول مرّ) في المبحث المفهوم نحو {فلا تقل لهما أف} {إن الذين يأكلون أموال اليتامى} الآية قيل نقلهما العرف إلى تحريم جميع ازيذاءات والإتلافات (و) نحو {حرمت عليكم أمهاتكم} نقله العرف من تحريم العين إلى تحريم جميع التمتعات المقصودة من النساء، وسيأت قول إنه مجمل، وقيل العموم فيه من باب الاقتضاء لاستحالة تحريم الأعيان فيضمر ما يصح به الكلام. قال الزركشي وغيره وقد يترجح هذا بقولهم الاضمار خير من النقل كما في قوله {وحرم الربا} وقد أجبت عنه في الحاشية. (أو معنى) وعبر عنه الأصل هنا كغيره بعقلاً (كترتيب حكم على وصف) فإنه يفيد علية الوصف للحكم كما يأتي في القياس، فيفيد العموم بالمعنى بمعنى أنه كلما وجدت العلة وجد المعلول نحو أكرم العالم إذا لم تجعل اللام فيه للعموم ولا عهد، و (كـ) ـاللفظ الدال على مفهوم (المخالفة على

الصفحة 75