كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر (اسم الجزء: 69)
الحلقة فقال سليمان هذا يحلق ما ظهر فكيف بما بطن فصنعوا النورة (6) فكانت النورة أول ما صنعت فأمر سليمان ببلقيس فانطلق بها إلى النساء فهيئت فتزوجها سليمان فأخبها ونزلت منه بمنزلة لم ينزلها أحد من نسائه وكان سليمان قبل أن يتزوج بلقيس لا يدفع ختمه إلى أحد ولا يأمن عليه أحد فلما تزوج بلقيس أمنها على خاتمه وكان إذا دخل لحاجته جاءت بلقيس فدفع الخاتم إليها فإذا قضى حاجته خرج فقال لها هاتي ماء فتوضئه ثم يأخذ الخاتم منها فيخرج إلى الناس فبينما هو ذات يوم قد دخل لحاجته وقد دفع الخاتم لبلقيس إذ جاء دمرياط (2) فدخل في صورة سليمان ثم تسور الحائط فخرج من باب المخرج فقال لبلقيس هاتي ماء فجاءته بماء فوضأه ثم قال هاتي الخاتم فأخذ الخاتم فلبسه فأفرغ على الخبيث بهجة الملك وكان سلطان سليمان في خاتمه فخرج الخبيث فجلس على عرش سليمان وبنو إسرائيل حوله جلوس لا ينكرونه وآصف قام على رأسه لا يعرفه فخرج سليمان من الحاجة فثارت بلقيس فقالت في نفسها ما لسليمان أن دخل معه الخاتم فقال لها سليمان هاتي ماء فجاءته بماء فتوضأ ثم قال هاتي الخاتم قالت قد دفعت اليك الخاتم قال سليمان يا بلقيس اتقي الله فإن الله قد هداك على يدي للإسلام وأخرجك من الشرك وأهله وإني قد ائتمنتك على سلطان ربي الذي وهبه لي فلا ينبغي أن تخونيني قالت بلقيس وأنت يا سليمان فاتق الله فإن الله قد اصطفاك وأكرمك برسالاته ولا ينبغي لك أن تخونني فإني لم أخنك فقال سليمان من أخذ الخاتم قالت أنت أخذته ولا أنكرك فعرف سليمان أن البلية قد نزلت فاطلع إلى مجلسه فإذا دمرياط جالس على عرشه فطرح سليمان ثيابه ولبس ثيابا دونها ثم خرج يسيح في الأرض فإذا جاع دخل بعض القرى فيأتي العجوز جالسة بباب بيتها فيستطعمها فترده فيقول أطعميني فإني سليمان فتقول سليمان ملك الدنيا وتأخذ التراب والحجارة وترميه به وتقول لم تكذب على سليمان فلم يزل يطوف حتى انتهى إلى بحر القلزم فإذا صيادون في سفينة يصيدون الحيتان فقال لهم سليمان أؤاجركم على نفسي على أن تطعموني قالوا نعم فاستأجروه كل يوم بأربعة أرغفة وحوتين (3) فكان
_________
(1) النورة: من الحجر يحرق ويسوى منه الكلس ويحلق به شعر العانة
(2) الرواية باختلاف في تاريخ الطبري 1 / 293 - 294 وفيه أن الشيطان صاحب البحر وسماه صخرا
وأن القصة كانت مع امرأة من نسائه
(3) في تاريخ الطبري: يعطونهه كل يوم سمكتين فإذا أمسى باع إحدى سمكتيه بأرغفة وشوى الاخرى
الصفحة 75
304