كتاب نزهة الألباب في قول الترمذي «وفي الباب» (اسم الجزء: 2)

وذهب إلى صحته ابن حزم وابن الجوزى وابن القطان وأحمد شاكر والألبانى قال ابن حزم في المحلى 3/ 221 "وكذلك لم يخف علينا من تعلل في حديث أبى هريرة بأن محمد بن فضيل أخطأ فيه وإنما هو موقوف على مجاهد وهذا أيضًا دعوى كاذبة بلا برهان وما يضر إسناد من أسند إيقاف من أوقف". اهـ. وقال ابن الجوزى كما ذكره عنه أحمد شاكر في تحقيقه للجامع 1/ 285: "يجوز أن يكون الأعمش سمعه من مجاهد مرسلًا ومن أبى صالح مسندًا". اهـ. وهذه حجة من ذهب أيضًا إلى صحة الحديث وقبل ذلك ننظر من رواه عن الأعمش ومن الأقوى فيه فممن رواه عنه ووصله ابن فضيل فحسب كما ذكره المصنف وممن أرسله وجعله مقطوعًا من قول مجاهد أبو إسحاق الفزارى إبراهيم بن محمد وأبو زبيد عبثر بن القاسم وزائدة بن قدامة قال الدارقطني: "أرفع الرواة عن الأعمش الثورى وأبو معاوية ووكيع ويحى القطان وابن فضيل وقد غلط عليه في شىءٍ". اهـ. وقال الإمام أحمد: "كان زائدة من أصح الناس حديثًا عن الأعمش". اهـ. والأصل أن الحديث المعل لا يقال له ذلك إلا إذا كان فيه خفاء ضعف وكان ظاهره السلامة من ذلك فمن ذهب إلى تصحيح الحديث اعتمادًا على ثقة ابن فضيل قيل له قد خالف من هو أحفظ منه وأوثق وأكثر عددًا ويلزمك على هذا أن تنزع اشتراط نفى الشذوذ من الحديث الصحيح لأن هيئة الشاذ هي هذه ولا فرق مع أن أرباب هذا الفن قد حكموا عليه بما تقدم وزد على ذلك أن الأحاديث الصحيحة في الباب لم تذكر للمغرب إلا وقتًا واحدا بخلاف رواية الباب وما ذكره أحمد شاكر والألبانى من ثقة ابن فضيل لا ينافى وقوع الغلط منه كما يعلم من تعريف الشاذ.
إذا علمت هذا فتفكر في كلام ابن حزم السابق الخارج منه على غير تؤدة ولا حسن أدب مع هؤلاء الأئمة الذين بلغوا في هذا الفن ما لم يكن عنده معشار ما أعطاهم الله رزقنا المولى حسن الخلق والأدب.
ولأبى هريرة في المواقيت حديث آخر مرفوع أصح من هذا وأحسن.
خرجه النسائي 1/ 200 والدارقطني 1/ 261 والحاكم 1/ 194 والطحاوى 1/ 147 والبيهقي 1/ 369. كلهم من طريق الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا جبريل يعلمكم دينكم" فذكر مواقيت الصلاة ثم ذكر أنه صلى المغرب حين غربت الشمس ثم لما جاءه من الغد صلى المغرب حين غربت الشمس في وقت واحد لفظ الحاكم وهو عند النسائي أطول من هذا وقد حسن

الصفحة 420