كتاب نزهة الألباب في قول الترمذي «وفي الباب» (اسم الجزء: 1)

المطبوعة في الهند عنه التحسين فحسب والنسخة المتداولة بأيدينا نسخة المدنى عنه التصحيح والظاهر أن الغلط كائن من محقق النسخة المتأخرة إذ في التعليق المغنى التحسين عن الدارقطني ولفظ التصحيح موجود في هامش النسخة المتقدمة فكان ينبغى لمخرج النسخة المتقدمة حديثًا التنبيه على هذا الخلاف، ومما يقوى الترجيح عن الدارقطني التصحيح ما تقدم في كلام الحافظ وإن كان في العلل علمًا بأنه يتشدد في العلل ما لا يتشدد في السنن، وفى هذا ما يرفع ما قيل في مسلم بن قرط عند الدارقطني فإن تصحيحه للحديث مع انفراد مسلم به تعديل ضمنى له.
إلا أن هذا لا يوافق ما وسمه في سننه 1/ 174 من كون الراوى لا ترتفع عنه الجهالة إلا إذا روى عنه أكثر من راوٍ، ونص كلامه "وأهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف وإنما يثبت العلم عندهم إذا كان راويه عدلًا مشهورًا أو رجل قد ارتفع اسم الجهالة عنه وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروى عنه رجلان فصاعدًا فإذا كان هذه صفته ارتفع عنه اسم الجهالة وصار حينيذ معروفًا فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد انفرد بخبر وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه غيره" اهـ. وما قاله هنا لا يوافق ما رواه مسلم لأنه لم يرو عنه إلا أبو حازم المذكور هنا في الإسناد والموجود عن عدة من المتقدمين عدم حصرهم الشهرة في الرواة عن الراوى فحينًا يحكمون عليه بالجهالة وله أكثر من راوٍ وحينًا يحكمون عليه بالشهرة وليس له إلا راوٍ واحد.
فإن قيل إن مسلمًا قد توبع هنا وذلك فيما خرجه الدارقطني في السنن 1/ 56 من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها في قصة سراقة وفيه "وأن يستنجى بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع". اهـ. فالجواب من وجهين:
الأول: أن السند إلى هشام لا يصح إذ فيه مبشر بن عبيد قال: عنه الدارقطني: متروك وهو يرويه عن الحجاج بن أرطاة وقد ضعف فصح أن مسلمًا انفرد بالحديث فإن قيل روايته تقويها رواية الحجاج. قلنا: لا؛ لأن ثم علة أخرى في الحديث سوى ما تقدم وذلك أنه اختلف فيه على هشام في وصله وإرساله فرفعه عنه مسلم والحجاج كما تقدم وأرسله عنه يحيى بن سعيد القطان كما عند مسدد في مسنده وانظر المطالب العالية 1/ 68 وقد تابع القطان على إرساله سفيان بن عيينة كما عند الحميدي 1/ 106 وهو أقوى من مسلم بن

الصفحة 49