كتاب ميزان الأصول في نتائج العقول (اسم الجزء: 1)

ما تفرع من أصله، وما لم يتفرع منه فليس من نسله، فكان (¬1) من الضرورة أن يقع التصنيف في هذا الباب على اعتقاد مصنف الكتاب. وأكثر التصانيف في أصول الفقه لأهل الإعتزال المخالفين لنا في الأصول (¬2)، ولأهل الحديث المخالفين لنا في الفروع (¬3)، والإعتماد على تصانيفهم إما أن يفضي إلى الخطأ في الأصل، وإما إلى الغلط في الفرع، والتجافي (¬4) عن الأمرين واجب في العقل والشرع.
¬__________
(¬1) كذا في ب، وفي الأصل: "وكان".
(¬2) قال الشهرستاني في الملل والنحل (1: 41 - 43) في معنى الأصول والفروع: "قال بعض المتكلمين: الأصول معرفة الباري تعالى بوحدانيته وصفاته، ومعرفة الرسل بآياتهم وبيناتهم. وبالجملة: كل مسألة يتعين الحق فيها بين المتخاصمين فهي من الأصول. ومن المعلوم أن الدين إذا كان منقسماً إلى معرفة وطاعة، والمعرفة أصل والطاعة فرع، فمن تكلم في المعرفة والتوحيد كان أصولياً، ومن تكلم في الطاعة والشريعة كان فروعياً. فالأصول هو موضوع علم الكلام، والفروع هو موضوع علم الفقه. وقال بعض العقلاء: كل ما هو معقول ويتوصل إليه بالنظر والإستدلال فهو من الأصول، وكل ما هو مظنون ويتوصل إليه بالقياس والإجتهاد فهو من الفروع".
والمسائل التي تكلم فيها أهل الأصول - من المعتزلة- واختلفوا فيها مع أهل السنة هي: التوحيد والعدل والوعد والوعيد والسمع والعقل (انظر بيان ذلك في الشهرستاني، الملل والنحل، الموضع المشار إليه فيما تقدم).
(¬3) قال الشهرستاني في الملل والنحل (1: 206 - 207): "ثم المجتهدون من أئمة الأمة محصورون في صنفين لا يعدوان إلى ثالث: أصحاب الحديث وأصحاب الرأي. أصحاب الحديث وهم أهل الحجاز: هم أصحاب مالك بن أنس وأصحاب محمد بن إدريس الشافعي وأصحاب سفيان الثوري وأصحاب أحمد بن حنبل وأصحاب داود بن علي بن محمد الأصفهاني. وإنما سموا أصحاب الحديث لأن عنايتهم بتحصيل الأحاديث ونقل الأخبار وبناء الأحكام على النصوص ولا يرجعون إلى القياس الجلي والخفي ما وجدوا خبراً أو أثراً. وقد قال الشافعي: إذا وجدتم لي مذهباً ووجدتم خبراً على خلاف مذهبي فاعلموا أن مذهبي ذلك الخبر ... أصحاب الرأي وهم أهل العراق: هم أصحاب أبي حنيفة النعمان بن ثابت ... وإنما سموا أصحاب الرأي لأن أكثر عنايتهم بتحصيل وجه القياس والمعنى المستنبط من الأحكام، وبناء الحوادث عليها وربما يقدمون القياس الجلي على آحاد الأخبار، وقد قال أبو حنيفة: علمنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن قدر على غير ذلك فله ما رأى ولنا ما رأينا ... تفرقة وتذكرة: اعلم أن بين الفريقين اختلافات كثيرة في الفروع، ولهم فيها تصانيف وعليها مناظرات وقد بلغت النهاية في مناهج الظنون حتى كأنهم أشرفوا عل القطع واليقين .. إلخ" وانظر: أحمد أمين، فجر الإسلام، الطبعة السابعة، ص 235 وما بعدها. ومصطفى عبد الرازق، تمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية، ص 205 وما بعدها.
(¬4) كذا في: ب. وفي الأصل "والتحامي". وتجافى عنه نبا أو تباعد عنه. وتجافاه تجنبه (انظر المعجم الوسيط).

الصفحة 2