كتاب ميزان الأصول في نتائج العقول (اسم الجزء: 1)

ولم يقدم من المتأخرين ممن جبل على الذكاء والفهم، وتبحر في النوعين من العلم، على تصنيف في هذا الباب لرفع (¬1) هذا الخلل والإضطراب، لأعذار عندهم صحيحة ولموانع (¬2) كثيرة، والتوفيق عزيز، والله تعالى (¬3) يؤتي ملكه من يشاء. وليس من الشفقة والنصيحة إهمال هذا الأمر، وما للقادر عليه في الإمهال عذر - فرأيت الإقدام على إتمام هذا المرام حقاً واجباً، وفرضاً لازماً، على نفسي، بقدر الوسع والطاقة، مع القصور في البضاعة، فأسرعت في الإقدام، خوفاً من الإثم في الإعراض والإغماض (¬4)، مع الإمكان، وإشفاقاً عن زوال نعم الله تعالى علي، بالكفران، مع ما أرجو من الله تعالى بذلك: ثواباً دائماً، وذكراً وشرفاً، إلى قيام الساعة قائماً.
ولما صممت على (¬5) هذا العزم، رأيت (¬6) من الشفقة على هذه الطبقة أن أكتب جملا من الفصول، في هذا النوع من الأصول، وأذكر في كل فصل منها (¬7) مذاهب أهل السنة والجماعة، وعقائد أهل البدع والضلالة، ليكونوا على بصيرة من المذهب الصحيح، فلا يقعوا (¬8) في شيء من المعتقد القبيح، إذ الفقيه المحض لا يقف على ذلك بخاطره، فربما (¬9) يتشبث بالمذهب القبيح بحسن ظاهره، وتكون هذه الفصول إلى
¬__________
(¬1) في ب: "لدفع".
(¬2) كذا في ب. وفي الأصل: "والموانع".
(¬3) "تعالى" من ب.
(¬4) أغمضت العين إغماضاً وغمضتها تغميضاً أطبقت الأجفان. ومنه قيل: أغمضت عنه إذا تجاوزت. وغمض الكلام: أبهمه. والغامض من الكلام خلاف الواضح (القاموس والمصباح).
(¬5) صمم في كذا أو عليه مضى في رأيه ثابت العزم (المعجم الوسيط).
(¬6) كذا في ب. وفي الأصل: "ورأيت".
(¬7) "منها" من ب.
(¬8) كذا في ب. وفي الأصل: "فلا يقع".
(¬9) في ب: "وإنما".

الصفحة 4