كتاب ميزان الأصول في نتائج العقول (اسم الجزء: 1)

ثم لما شرعت في الشرح والبيان، على وجه الإحكام والإتقان، ولم أملك عنان القلم في فيض (¬1) ما فوض (¬2) من الكلم، وكرهت أيضاً أن يفوتني ما يظهر من الحكم، فقيدتها بالكتابة والرقم - التفت الكتاب إلى التطويل والإطناب، فملت إلى ما هو المتوسط في الباب: لا (¬3) القصير المقصر، ولا الطويل المنفر. ثم خطر ببالي أن ذا مما يمل به بعض الطلاب، وإن كان يراه البعض من أصوب (¬4) الصواب، إذ الطلبة بين ريض مبتدئ، وبين مرتاض منته، والمبتدئ إلى الإختصار أميل، لأن حفظه وضبطه أسهل، والمنتهي يميل إلى الإطناب والإكثار، ليختار برأيه ما هو المختار- رأيت الأصوب في أن أتمم (¬5) المتوسط الذي كنت فيه شارعاً، وأحذف الزوائد (¬6) عنه، فيكون مختصراً جامعاً، ويتم الأمران على الصحبة والقرآن، إذ الشروع (¬7) في قصد التقرب ملزم، والإعراض عن الخير أشام.
ولما كان الكتابان متحدين من حيث الغرض، وإن تصورا مختلفين من حيث العرض (¬8)، جعلت مقدمتهما واسمهما واحداً، وإن كان أحدهما في الطول والعرض زائداً، بل ازدادت كل مقدمة "المختصر" لما (¬9) مهدت فيه من العذر المعتبر.
¬__________
(¬1) و (¬2) في ب: "في قبض". والفيض الكثير الغزير. وفاض الماء فيضاً وفيوضاً وفيضاناً كثر حتى سال. وفوض إليه الأمر رده إليه (المعجم الوسيط، والقاموس).
(¬3) "لا" ليست في ب.
(¬4) في ب: "من أصول الصواب".
(¬5) في ب: "رأيت من الأصوب أن أتمم".
(¬6) في ب كذا: "وأعيد الرواية".
(¬7) في ب: "الشرع".
(¬8) في ب: "الغرض".
(¬9) في ب: "بما". و "المختصر" هو هذا.

الصفحة 6