وما قالوا من "الإزالة والرفع"، فغير صحيح، لأن ما ثبت من الحكم في الماضي لا يتصور بطلانه، وما (¬1) في المستقبل لم يثبت بعد، فكيف يبطل؟. ولأن حكم الله تعالى إذا كان على طريق التأبيد وإرادة (¬2) وجوده أو وجوبه أو الحل أو الحرمة، ثم لم يثبت على الأبد، يكون قولا بتغيير الإرادة، وما أراد الله تعالى يكون لا محالة. ولأنه (¬3) لا يخلو: إما أن يقولوا: إن الله تعالى عالم (¬4) بالحكم على طريق التأبيد عالم بالمصلحة، أو لم يكن عالماً. فإن (¬5) كان عالماً بالمصلحة ثم بالنسخ، يتبين أنه لا مصلحة، فهذا (¬6) قول بالجهل أو بالبداء (¬7)، أو بالرجوع (¬8) بظهور المصلحة في الثاني. وأما أنه (¬9) نسخ، مع العلم بالمصلحة، فهو قول بنسبة السفه إلي الله تعالي - وكل ذلك باطل.
والذي يحقق ما قلنا: أن ما قلناه إيمان اعتقده كل مسلم، بطريق (¬10) الإجمال، فإن كل من آمن بالله تعالى فإنه (¬11) يعتقد أن الخلق والأمر لله تعالى، وأنه (¬12) كون الأشياء في الأزل على ما يكون في الوقت الذي يكون. وكذا أمر بالأشياء ليجب ويوجد في الوقت الذي أراد
¬__________
(¬1) "ما" ليست في ب.
(¬2) في ب: "واراد".
(¬3) في ب: "ولأنهم".
(¬4) "عالم" من ب.
(¬5) في ب: "إن".
(¬6) في ب: "وهذا".
(¬7) في ب: "والبدا". وقد تقدم تعريفه في الهامش 8 ص 117.
(¬8) في ب: "والرجوع". وقد تكون في الأصل: "أو الرجوع".
(¬9) في ب: "ان".
(¬10) في ب: "علي طريق".
(¬11) "فإنه" ليست في ب.
(¬12) في ب: "وإن".