فكذا إذا لم يرد به الوجوب أيضا، لكن فيه نوع فائدة: يصح الأمر. وههنا كذلك (¬1). فإن الأمور إذا كان لا يعلم بالنسخ، ويبني الأمر على ظاهر الأمر في حق وجوب الفعل، و (¬2) يعتقده ظاهراً لا قطعاً، ويعزم على الأداء (¬3) ويهيئ أسبابه و (¬4) يظهر الطاعة من نفسه - فيتحقق الابتلاء والامتحان (¬5) والمباهاة، وإن كان الله تعالى عالماً بأنه لا يجب عليه الفعل (¬6). وفي الأمر بذبح الولد أظهر، فإنه لما اشتغل بأسباب الذبح وانقاد (¬7) لحكم الله تعالى الثابت ظاهراً، تعظيماً لأمره، فيظهر منه الطاعة، فكان النسخ مفيداً (¬8) في حق المأمور، وصحة الأمر لفائدة الأمور لا غير، و (¬9) لما حسن منه العزم والاعتقاد واشتغل بأسبابه اجتزئ بذلك منه، جل جلاله بفضله وكرمه، وجعله قائماً مقام حقيقة الفعل وفي حق الثواب، فيصير كأن النسخ بعد وجود الفعل تقديراً - هذا طريق تخريج هذه المسألة، وتذكر على الاستقصاء في الشرح إن شاء الله تعالى (¬10).
ومنها - أنه ليس بشرط صحة النسخ أن يكون للمنسوخ بدل مثله أو أخف منه أو أثقل.
وعلى قول المعتزلة شرط. وهو قول بعض أصحاب الحديث.
¬__________
(¬1) في ب: "تصح الأمر فههنا كذلك".
(¬2) "و" من ب.
(¬3) "لا قطعاً" من ب، وفيها: "لا قطعاً أو يعتقده منهما يعزم على الأداء".
(¬4) في ب: "أو".
(¬5) "والامتحان" من ب.
(¬6) في ب كذا: "لا يجب عليه الفعل إذ الفعل شا على الظاهر جايزاً احتياطاً، والعزم على الأدا ونهى أسبابه أولى".
(¬7) في ب كذا: "وانعاد".
(¬8) في ب كذا: "مقيدا".
(¬9) كذا في ب. وفي الأصل: "أو".
(¬10) "إن شاء الله تعالى" من ب.