كتاب ميزان الأصول في نتائج العقول (اسم الجزء: 1)

لا بالقياس ولا بدليل فوقه، لما ذكرنا أن النسخ (¬1) انتهاء الحكم الشرعي. وبالدليل المعارض يتبين أن ذلك القياس لا يصح إذا كان فوقه، وإذا كان مثله لا يبطل حكم الأول، ويعمل المجتهد بالثاني، إذا ترجح عنده - على ما مر.
وهذا الذي ذكرنا قول عامة أهل الأصول والفقهاء، إلا ما روي عن بعض أصحاب الشافعي، ونسبوه إليه: أن نسخ الكتاب بالسنة، والسنة بالكتاب، لا يجوز. وأهل (¬2) التحقيق من أصحابه يقولون: إن قوله مثل قول العامة.
ودللالة ما قلنا: السمع، والعقل:
- أما السمِع: فإن وجوب التوجه إلى بيت المقدس عرف بالسنة، فإنه عليه السلام لم يكن متعبداً بشريعة (¬3) من قبلنا، على ما ذكرنا. ثم صار منسوخًا بالتوجه (¬4) إلى الكعبة بالكتاب (¬5). وكذا وجوب (¬6) صوم عاشوراء: ثبت (¬7) بالسنة، ثم صار منسوخًا بصوم شهر (¬8) رمضان بالكتاب. وكذا (¬9) الوصية للوالدون: ثبتت شرعيتها بالكتاب بقوله تعالى: "الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف - الآية" (¬10): ثم ثبت نسخها بالسنة وهي قوله - صلى الله عليه وسلم - (¬11): "لا وصية لوارث".
¬__________
(¬1) كذا في ب. وفي "الأصل: "أنه".
(¬2) في ب: "فأهل".
(¬3) في ب: "لشريعة".
(¬4) في ب: "بوجوب التوجه".
(¬5) "بالكتاب" من ب.
(¬6) "وجوب" ليست في ب.
(¬7) "ثبت" ليست في ب ففيها: "وكذا صوم عاشوراء بالسنة".
(¬8) "من شهر".
(¬9) في ب: "وكذلك".
(¬10) سورة البقرة: 180 - "كتب عليكم, إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقًا على المتقين".
(¬11) كذا في ب. وفي الأصل: "نسخها بقوله عليه السلام".

الصفحة 718