كتاب ميزان الأصول في نتائج العقول (اسم الجزء: 1)

• وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تزوج ميمونة وهو حلال بسرف (¬1). وروي أنه ززوجها وهو محرم. والمراد من الحل ها هنا (¬2) هو الحل العارض على الإحرام وهو مثبت. ثم أصحابنا رحمه الله أخذوا بالنافي.
• وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رد زينب على زوجها بنكاح جديد. وروي أنه ردها بالنكاح الأول. وعملوا بالمثبت وهو النكاح الجديد (¬3).
وذكر في كتاب التزكية في الجرح والتعديل, إذا تعارضا، أن الجرح أولى، وهو المثبت.
وذكر في كتاب الاستحسان: إذا أخبر رجل في طعام أو شراب بالحل وأخبر آخر (¬4) بالحرمة، أو أحدهما بالطهارة والآخر بالنجاسة، وهما عدلان - أن الخبر عن الطهارة والحل أولى (¬5)، وهذا مبق (¬6)، والآخر مثبت.
ثم بعض مشايخنا خرج هذه الفصول على وجه ليس فيه شبهة التناقض، وقال إنّ النفي على أنواع ثلاثة: نفي يعرف بدليله، ونفي لا يعرف بالدليل ولكن من حيث الظاهر، ونفي يشتبه حاله.
أما الأول -[فـ] كقول (¬7) النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليس في الخضروات (¬8) صدقة" وروي: "في الخضروات صدقة"، وكل (¬9) واحد منهما ثبت (¬10) بالنص،
¬__________
(¬1) سرف موضع من مكة على ستة أميال (أو 7 أو 9 أو 12) تزوج به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمونة بنت الحارث، وهناك بنى بها، وهناك توفيت - ياقوت، معجم البلدان، 3: 112.
(¬2) في ب: "هنا".
(¬3) في ب: "هو الجديد". راجع ذلك في ترجمة زوجها أبي العاص بن الربيع في: ابن عبد البر، الاستيعاب، 4: 1701 - 1704.
(¬4) كذا في ب. في الأصل: "وأخبر رجل".
(¬5) في ب: "وهما عدلان: الخبر عن الحل والطهارة أولى".
(¬6) في ب كذا: "وهذا منفي". و"الدليل المثبت هو الذي يثبت أمرًا عارضًا والثاني هو الذي ينفي العارض ويبقي الأمر الأول" (البخاري، كشف الأسرار، 3: 97).
(¬7) هذا في ب. وفي الأصل كذا: "بقول".
(¬8) الخضروات جمع الخضراء وهي خضر البقول - المعجم الوسيط.
(¬9) في ب: "فكل".
(¬10) كذا في ب. وفي الأصل: "ثبتت".

الصفحة 735