فلا يترجح المثبت, ولكن يصار إلى نوع آخر من الترجيح. وعلى هذا قالوا: في طهارة الماء ونجاسته، لأنه يمكن الوقوف على كل واحد، كل منها حقيقة. وكذلك في حل الذبيحة والحرمة. وحل الشراب وحرمته - فلم يترجح الخبر المثبت للنجاسة والحرمة بل تعارضا، فيرجح (¬1) بما هو الأصل: وهو الطهارة والحل في الذبيحة (¬2) والطعام، واستصحاب الحال لا يصلح حجة موجبة، فيصلح مرجحًا. وعلى هذا القسم يحمل (¬3) قول عيسى بن أبان رحمه الله، وينبغي أن لا يخالفه فيه الكرخي رحمه الله.
وأما الثاني - الذي يعرف [فيه] النفي من حيث الظاهر، والإثبات من حيث الحقيقة. كما روي أنه أخذ الزكاة من الحلي , وروي أنه كان لا يأخذ الزكاة من الحلي، [فـ] يحمل على الإثبات (¬4) لأن الأخذ فعل حسي، ؤأما الأمتناع عن الأخذ, [فـ] قد يكون بناء على الأصل، فكان المثبت أولى.
وعلى هذا الجرح، والتزكية: إن الجرح أولى, لأن الجارح اعتمد حقيقة الحال , والمزكي اعتمد ظاهر الحال. أو (¬5) يحتمل ذلك، فكان اعتبار الحقيقة أولى. وعلى هذا يحمل قول الكرخي رحمه الله، وينبغي أن لا يخالفه عيسى بن أبان (¬6) في هذا الفصل أيضًا.
وأما (¬7) الثالث - الذي يشتبه فيه حال النفي، أنه عرف بدليله أو بظاهر الحال: يجب التأمل في حال المخبر، والسؤال عنه: فإن ثبت أنه بنى على الظاهر، لم يقبل خبره. وإن وقف أنه أخبر، عن دليل المعرفة يقبل خبره،
¬__________
(¬1) في ب: "فيترجح".
(¬2) في ب: "والذبيحة".
(¬3) في ب كذا: "ينبغي أن يحل" ولعلها: "أن يحمل". وانظر البزدوي، والبخاري عليه، 3: 97 - 101.
(¬4) في ب كذا: "فيحتمل على الايمان".
(¬5) كذا في ب. وفي الأصل: "و".
(¬6) "بن أبان" من ب. وتقدمت ترجمته في الهامش 5 ص 113. والكرخي في الهامش 7 ص 210.
(¬7) "أما" من ب.