كتاب نهاية السول شرح منهاج الوصول

أي: الذي اختص به الأصل، وهو كونه قتلا بالمحدد. والثاني باطل لكذا، فثبت الأول، ويلزم من ذلك ثبوت الحكم في الفرع، قال في المحصول: وهذا طريق جيد، إلا أنه هو بعينه طريقة السبر والتقسيم من غير تفاوت. قوله: "ولا يكفي" أي: لا يكفي أن يقال في تقريره: إن هذا الحكم لا بد له من محل، وهو إما المشترك بين الأصل والفرع أو المميز، والثاني باطل لكذا، فتعين الأول، وإنما قلنا: لا يكفي؛ لأنه لا يلزم منه ثبوت الحكم في الفرع؛ لأنه لا يلزم من ثبوت المحل ثبوت الحال، والفرق بين تنقيح وتخريج المناط، وتحقيق المناط, على ما نقله الإمام الغزالي, أن تنقيح المناط هو إلغاء الفارق كما بيناه, وأما تخريج المناط فهو استخراج علة معينة للحكم ببعض الطرق المتقدمة كالمناسبة، وذلك كاستخراج الطعم أو القوت أو الكيل بالنسبة إلى تحريم الربا، وأما تحقيق المناط فهو تحقيق العلة المتفق عليها في الفرع، أي إقامة الدليل على وجودها فيه، كما إذا اتفقا على أن العلة في الربا هي القوت، ثم يختلفان في أن التين هل هو مقتات حتى يجري فيه الربا أم لا؟ قال: "تنبيه: قيل: لا دليل على عدم عليته فهو علة، قلنا: لا دليل على عليته فليس بعلة، قيل: لو كان علة لتأتى القياس المأمور به، قلنا: هو دور". أقول: نبه المصنف بهذا على فساد طريقين, ظن بعض الأصوليين أنهما مفيدان للعلية، أحدهما: أن يقال: هذا الوصف علة لأنه لا دليل على عدم عليته، وإذا انتفى الدليل على عدم عليته انتفى عدم عليته لأنه يلزم من انتفاء الدليل انتفاء المدلول، وإذا انتفى عدم عليته ثبتت عليته لامتناع ارتفاع النقيضين. والجواب أنا نعارضه بمثله فنقول: هذا الوصف ليس بعلة؛ لأنه لا دليل على عليته، وإذا انتفى الدليل عليها لزم انتفاؤها، وإذا انتفت ثبت عدم عليته بعين ما قالوه. الطريق الثاني: أن يقال: إن الوصف على تقدير عليته يتأتى معه العمل بالقياس، وعلى تقدير عدم عليته لا يتأتى معه ذلك والقياس مأمور به، ولا شك أن العمل بما يستلزم المأمور به أولى من غيره، وأجاب المصنف بأن هذا الطريق يلزم منه الدور؛ لأن تأتي القياس متوقف على كون الصفة علة، فلو أثبتنا كونه علة يتأتى القياس لزم الدور، وهذا الجواب لم يذكره الإمام ولا مختصر كلامه. واعلم أن تقرير الطريق الثاني على الوجه الذي ذكره المصنف فاسد, فإن قوله: لو كان علة لتأتى القياس المأمور به، إنما يكون محصلا للمدعي، وهو كونه علة لو كان القياس الاستثنائي منتجا لعين المقدم عند الاستثناء عين التالي، كقولنا لكنه يتأتى معه القياس المأمور به فيكون علة، وليس كذلك، فإن المنتج في القياس الاستثنائي أمران, أحدهما: استثناء عين المقدم لإنتاج عين التالي، والثاني: استثناء نقيض التالي لإنتاج نقيض المقدم، أما استثناء عين التالي أو نقيض المقدم فإنهما لا ينتجان, والطريق في إصلاح هذا أن يجعل قياسا اقترانيا، فيقال: علية الوصف توجب تأتي القياس، وكل ما يوجب تأتي القياس فهو أولى، فينتج أن علية الوصف أولى، قال: " الطرف الثاني: فيما يبطل العلة وهو ستة, الأول:

الصفحة 336