كتاب أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله

الحصر أنه متواتر، ولكن مثل هذا لا وجود له في الأحاديث النبوية، ولهذا نجدهم يمثلون له بالخبر بوجود مكة والمدينة ونحو ذلك مما لا يتصور فيه الخلاف.
والذين عرّفوه بأنه ما أفاد القطع، لا بد أن يعترفوا أن الخبر قد يتواتر عند شخص ولا يتواتر عند غيره، فقد يقطع شخص بصدقه ولا يقطع الآخر، وحينئذ لا يمكن أن نرتب على هذا التقسيم تكفير المخالف للخبر إذا قال إن الحديث لم يتواتر عندي ولم أقطع بصحته عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا قد دعا بعض العلماء إلى إنكار التقسيم من أساسه، وعدم التعويل عليه، وعدم التفريق بين ما سماه المحدثون متواترا وما سموه آحادا متى صح سنده، وقالوا: العبرة بصحة الخبر، فمتى صح وجب العمل به قطعا.
وينقسم الخبر من حيث صحته إلى ثلاثة أقسام: صحيح، وحسن، وضعيف:
١ ـ الصحيح:
وهو ما رواه عدل تام الضبط عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسَلِم من الشذوذ والعلة القادحة.
ومعنى قولهم: (عدل)، أي: مرضي في دينه وخلقه، وهو المواظب على الواجبات المجتنب للكبائر وما يخل بالمروءة من الصغائر.
وقولهم: (تام الضبط)، أي: أنه يغلب عليه حفظ ما سمعه من الحديث وعدم مخالفة الثقات في ذلك.
وقولهم: (عن مثله)، أي: أن رجال السند لا بد أن يكونوا كذلك من لدن الراوي الذي نقل لنا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقولهم: (وسلم من الشذوذ والعلة القادحة):
الشذوذ: هو مخالفة الراوي للثقات الأثبات.

الصفحة 107