كتاب أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله

٣ - إجماع الصحابة على قبول خبر الواحد والعمل به، ويدل على إجماعهم قضايا ووقائع لا يمكن تكذيبها مجتمعة، ومن ذلك:
ـ ... أن أبا بكر - رضي الله عنه - ورث الجدة السدس بعد أن ردها، وقال: ما علمت لك في كتاب الله حقا، ولا سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الصحابة فشهد المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، وشهد معه محمد بن مسلمة فأعطاها أبو بكر السدس (أخرجه أحمد وأصحاب السنن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).
ـ ... وعمر - رضي الله عنه - ورث المرأة من دية زوجها لما روي له أن النبي صلى الله عليه وسلم ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها (رواه الترمذي وصححه)، وكان لا يرى ذلك قبل سماع الحديث.
ـ ... ومن ذلك ما روي عن عمر ـ - رضي الله عنه - ـ من استدلاله بالحديث الذي رواه عبد الرحمن بن عوف في دخول البلد الذي وقع فيها الطاعون (أخرجه مسلم)، وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.
٤ـ إجماع العلماء على أن المستفتي مأمور بقبول قول المفتي وهو واحد، وإجماعهم على أن القاضي يجب عليه القضاء بشهادة عدلين مع أن خبرهما يحتمل الكذب.
والذين اشترطوا لقبول خبر الآحاد أن يرويه اثنان عن النبي صلى الله عليه وسلم ويرويه عن كل واحد منهما اثنان إلى أن يصل إلينا احتجوا بما يلي:
١ - قياس الرواية على الشهادة.
٢ - ما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه طالب أبا موسى الأشعري - رضي الله عنه - بمن يشهد معه حينما روى له حديث الاستئذان ولم يقبله حتى شهد له أبو سعيد الخدري

الصفحة 112