كتاب أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله

وهذه فائدة عظيمة.
ومن فوائده: قطع النزاع في المسائل المستجدة، فإذا اتفق علماء العصر على حكمها لم يكن لأحد خلافهم، ولكن ينبغي أن لا تترك الأدلة الصحيحة لدعوى الإجماع، وأن لا تقبل دعوى الإجماع إلا ممن له إحاطة بأقوال العلماء واطلاع على صحيحها وضعيفها، ومشهورها وشاذها.

حجية الإجماع السكوتي:
اختلف العلماء في الإجماع السكوتي الذي عرف بتصريح بعض العلماء وسكوت الباقين، هل يعد حجة؟
فذهب الجمهور إلى حجيته، واستدلوا بما يلي:
١ـ أن سكوت العالم عن فتوى غيره يدل على موافقته إياه؛ إذ لو كان يعتقد بطلان تلك الفتوى لما سكت عن الإنكار؛ لأن السكوت عن إنكار الباطل محرم لا يقدم عليه العلماء المجتهدون.
٢ـ ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم». فالحديث يدل على أنه لا يمكن أن تخلو الأمة من قائم لله بالحجة وتكون بين مخطئ للحق وساكت عن الإنكار؛ إذ لو كانوا كذلك لم يتحقق ما في الحديث من الوعد ببقاء طائفة من الأمة ظاهرة على الحق؛ لأن ظهورها يقتضي إظهار ما هي عليه من الحق.
وذهب الإمام الشافعي إلى أنه لا يمكن أن ينعقد إجماع مع سكوت بعض العلماء، بل لا بد من تصريح الكل. واستدل على ذلك بأنه لا ينسب إلى ساكت قول، وبأن العالم قد يسكت مع عدم موافقته لأسباب كثيرة منها:
أـ ... أن يغلب على ظنه أن غيره قد كفاه مؤنة الإنكار على الفتوى.

الصفحة 130