كتاب أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله

صوابا فما عداه خطأ؛ لأن الصواب لا يتعدد.
وجواز رجوع العالم إنما هو في المسائل التي لم يحصل فيها إجماع.
وما روي عن علي - رضي الله عنه - لا دليل فيه؛ لأنه حكى اتفاقه مع عمر وحده ولم يحك اتفاق المسلمين جميعا، ومع هذا فقد أنكر عليه جابر بن زيد، وقال: رأيك في الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك، أو قال: من رأيك في الفرقة.
ومما يؤيد القول بعدم اشتراط انقراض العصر أنه لو اشترط هذا الشرط لما تحقق إجماع أبدا؛ لأنه قبل أن ينقرض أهل العصر يبلغ درجة الاجتهاد علماء آخرون من الطبقة التي تليهم ومن حقهم أن يفتوا في تلك المسألة بخلاف ما اتفق عليه من سبقهم إذ لم ينعقد الإجماع بعد، فإن أفتوا بموافقتهم من قبلهم أصبحوا من أهل الإجماع فلا ينعقد حتى يموتوا ثم يأتي في عصرهم علماء من الطبقة الثالثة فيجوز لهم أن يخالفوا في تلك المسألة أو يوافقوا، وهكذا فلا يتحقق الإجماع أبدا.
والمشترطون للانقراض يقولون إنه ممكن؛ لأن العبرة بموت المجمعين من الطبقة الأولى قبل وجود المخالف من الطبقة الثانية أو الثالثة، ولا يشترط موت من لحق بهم من الطبقة الثانية أو الثالثة. وهذا لا دليل عليه إذ كيف يجعل موت فلان من الناس دليلا على التحريم أو الإباحة أو غيرهما من الأحكام؟.

الإجماعات الخاصة:
يذكر الأصوليون خلافا في الاحتجاج بإجماع طائفة معينة من العلماء كإجماع أهل البيت الذي يحتج به الرافضة، وإجماع الخلفاء الأربعة، وإجماع أبي بكر وعمر، وإجماع أهل المدينة، وإجماع أهل البصرة، ونحو ذلك.
والراجح عند الجمهور أن هذه الإجماعات لا حجة فيها؛ لأن الأدلة الدالة

الصفحة 136