كتاب أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله

الأصل: المقصود به هنا: المقيس عليه، أي: الصورة أو المسألة التي ثبت حكمها بنص أو إجماع، أو اتفق عليه الخصمان المتناظران.
الفرع: المقصود به هنا: المقيس، أي الصورة أو المسألة التي يراد إثبات حكمها بالقياس.
العلة: المراد بها هنا: المعنى الذي ثبت الحكم في المسألة المقيس عليها لأجله، سواء عرف ذلك بنص أو باجتهاد ونظر.
فمعنى التعريف: أن القياس هو تسوية المجتهد في الحكم بين مسألتين: إحداهما ثبت حكمها بنص أو إجماع أو اتفاق من المتناظرين، والأخرى محل خلاف، فيقوم المجتهد بإلحاقها بالأولى المتفق على حكمها لأجل اشتراك المسألتين في الوصف الذي يغلب على الظن أنه علة ثبوت الحكم في المسألة المقيس عليها.
مثاله: أن الخمر محرمة باتفاق المسلمين؛ للنصوص الكثيرة الواردة في تحريمها، والنبيذ الذي هو عصير الفواكه أو التمر أو الشعير ونحوه إذا طبخ حتى ذهب ثلثاه، اختلف في تحريمه. فذهب جمهور العلماء إلى تحريمه قياسا على الخمر. فالخمر هي الأصل في هذا القياس، والنبيذ فرع، والعلة الجامعة بينهما الإسكار، فكل منهما مسكر، والحكم الذي ثبت للفرع هو التحريم.
وهذا المثال يذكره أكثر الأصوليين، مع أن تحريم النبيذ ثابت بقوله صلى الله عليه وسلم: «وكل مسكر خمر»، فالقياس هنا لا حاجة إليه إلا للاستدلال به على من لا يرى صحة الحديث.
مثال آخر: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «البر بالبر مثلا بمثل» الحديث، فقاس جمهور العلماء الذرة على البر، وحكموا بتحريم بيعها بجنسها مع التفاوت في المقدار، ولم يخالف في هذا إلا الظاهرية، فالأصل في هذا المثال البر،

الصفحة 144