كتاب شرح مراقي السعود المسمى نثر الورود - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

قلت: والظاهر عندي ان التعبديات - ايضا - لا تخلو من حكم
تحصل بالامتثال زائدة على ما ذكر من تحصيل الثواب ودرء مفسدة
العقاب، ومما يدل على ذلك ان ابد التعبديات توغلا في التعبد الصلاة،
وقد نص تعالى على ان لها حكما غير الثواب عليها في الاخرة كقوله:
< إت أ! لو تن! عف آ! خمماحى وأتصنكر) [العنكبوت / 5 4]، وقوله:
< وآشتعبنو بأ لصبر وأ لصلوح) [البقرة / 5 4].
وقول المؤلف: "وربما يعوزنا" إلخ، يعني ان كون العلة لا تخلو
عن حكمة في الجملة لا يلزم منه اطلاعنا على كل حكمة، لكن عدم
اطلاعنا لا لجزم منه منع التعليل بتلك العلة التي لم تظهر حكمتها، كتعليل
المالكية منع ربا الفضل بالاقتيات والادخار، وتعليل الشافعية له بالطعم،
والحنفية والحنابلة بالكيل، فكل هذه العلل لم نعرف حكمتها، وعدم
معرفة حكمتها ليس مانعا من التعليل بها، وهو مراده بقوله: "لكنه ليس به
امتناع "، ومعنى قول: "يعوزنا اطلأع " اي لم نطلع عليها، من عازه الأمر
إذا لم يقدر على تحصيله.
671 وفي ثبوت الحكم عند الانتفا للظن والنفي خلا! عرفا
يعني انهم اختلفوا إذا قطع بانتفاء الحكمة في صورة هل يثبت
الحكم فيها مع تخلف الحكمة إناطة للحكم بمظنة الحكمة او لا يثبت
الحكم؟ إذ لا عبرة بالمظنة مع تحقق انتفاء الحكمة، والفروع المبنية على
هذه القاعدة يرجح فيها ثبوت الحكم نظرا للمظنة، كقصر المسافر الذي
لم تصبه مشقة، وكاستبراء [الصغيرة] التي لا يحمل مثلها عادة؛ لأن
441

الصفحة 441