كتاب شرح مراقي السعود المسمى نثر الورود - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 2)

الاحكام بعينه، بحيث لو حكم الله فيها على التعيين لكان حكمه بذلك
البعض بعينه لكونه راجحا في درء المفسدة أو جلب المصلحة، وهذا
القول حكم بالفرض والتقدير لا بالتحقيق. ونظيره ما جاء أن النبي غ! ي!
قال لعمر: "لو كان بعدي نبي لكنت " (1).
فحاصل هذه المسألة أن الأشعري والباقلاني قالا بمجرد تبعية
الحكم لظن المجتهد من غير ان يكون هناك ما لو حكم الله لكان به، وصاحبا
أبي حنيفة وابن سريح زادوا على التبعية لظن المجتهد أن هناك ما لو حكم
الله لكان به، وهذا مراده بقوله: "أو ثم ما لو عين الحكم حكم ". والقائلون
بهذه الزيادة يقولون: إن لم يصادف ذلك الشيء الذي لو حكم الله بالتعيين
لحكم به أصاب ابتداء لا انتهاء، وبعبارة أخرى: أصاب اجتهادا لا حكما،
فهو مخطى حكما وانتهاء، وانما أصاب عندهم اجتهادا لأن اللازم في
الاجتهاد بذل الوسع لأنه غاية المقدور، وقد فعله، وإنما خطؤه في
الحكم لأنه لم يصادف الشيء الذي لو حكم الله لكان. ومعنى قولهم:
أصاب ابتداء، أنه بذل وسعه على الوجه المعتبر عنده. وقالوا: أخطأ
انتهاء، لأن اجتهاده لم يؤده إلى ما لو حكم الله لكان به.
واعلم أن الخطأ في الحكم عند هؤلاء الثلاثة غير الخطأ فيه عند
الجمهور، لان الخطا عند الثلاثة عدم مصادفة ما لو حكم الله لكان به وإن
(1)
أخرجه احمد: (28/ 624 رقم 05 174)، و لترمذي رقم (86 آ 3)، والحاكم.
(3/ 85)، و لطبراني: (298/ 17) وغيرهم من حديث عقبة بن عامر - رضي الله
عنه -. قال الترمذي: حسن غريب. وقال الحاكم: صحيح الاسناد ولم يخرجاه.
656

الصفحة 656