كتاب شرح مراقي السعود المسمى نثر الورود - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)
غيرهم، والجهل اقتضى تخصيص المتكلم ما يعلمه دون ما يجهله، والسؤال
اقتضى تخصيص المسؤول عنه لمطابقة الجواب له، وقس على ذلك.
فإذا عرفت ذلك فمعنى البيت: ان مقتضى التخصيص وإن منع
اعتبار مفهوم المخالفة فانه لا يمنع المسكوت عنه على المنطوق إذا كان
بينهما جامع، اي علة يصح بها القياس، فقوله تعالى: <ومن كل
تآ! لون لحما طريا) [فاطر/12] مثلا لما كان الطري انسب للامتنان،
واقتضى ذلك تخصيصه بالذكر، فلا يمنع من قياس القديد على الطري
لعدم الفارق المؤثر بينهما. وهذا المثال مبني على القول بان الالحاق
بنفي الفارق قياس، ويسمى: القياس في معنى الاصل.
وقوله - مثلا -: < لا يتخذ لمؤمنون البهفرين) [آل عمران /28] الاية
كونها نزلت في واقعة اقتضى تخصيصها بتلك الواقعة، فمنع اعتبار
مفهوم المخالفة، ولكن لا يمنع قياس المسكوت عنه وهو موالاة الكفار
والمؤمنين معا على المنطوق وهو موالاة الكافرين من دون المؤمنين؛
لان العلة في منع الموالاة الكفر وهي موجودة في الفرع كوجودها في
الاصل، وقس على ذلك.
وقول المؤلف: "وما عرض" بالبناء للمفعول، ومراده به لفظ
ا لمنطوق، فعبر عن ا للفظ بما عرض؛ لانه معروض اي موصوف بالعوار ض
العارضة له، كالتقييد بصفة او نحوها، ومعناه: ان لفظ المنطوق لا
يشمل المسكوت عنه حتى يستغني بشموله له عن القياس، وهذا هو
الحق. والقول بانه يشمله بعيد، إذ لا يخفى ان الغنم السائمة لا تشمل
89