كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت فيضحى وأيما بالعشي فيخصر
بعد أن طلبوني أن أملي عليهم القصيدة التي منها البيت، فأمليتها
عليهم وبينت لهم معنى البيت، بأن قلت لهم:
"أيما": لغة في أما، وهي الرواية في بعض نسخه.
ومعنى قوله: "يضحى" يكون بارزا للشمس من غير كن يحجبها
عنه، ومنه قوله تعالى: <و نك لا قظمؤا فم! اولاتضحس) [طه/ 119]،
وقد استدل ابن عباس رضي الله عنهما على معنى الاية بالبيت
المذكور.
وقوله: "يخصر" مضارع خصر بالكسر يخصر بالفتح خصرا
بفتحتين على القياس، إذا أصابه البرد، ومنه قول الشاعر:
إذا ما رأو نارا يقولون ليتها وقد خصرت أيديهم نار غالب
فقوله: "وقد خصرت أيديهم " أي أصابهم البرد، لأن اليد تتأثر من
شدة البرد كثيرا.
وسألونا عن أشياء غير هذا، أكثرها في الشعر والشعراء، فأجبناهم
عنها، فازداد فرجهم وسرورهم بمعرفتهم لنا.
ثم توجهنا من قرية "جنينة) " في شوال من السنة المذكورة في أول
الرحلة التي هي سنة سبع وستين وثلاثمائة و لف، توجهنا إلى قرية
اسمها "الفاشر"، والأمظار في ذللش الوقت متراكمة، فحبسنا الوحل
ليلتين في خلاء من الأرض، ثم وصلنا قرب القائلة محطة صغيرة
104

الصفحة 104