كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

اسمها "كبكابية"، فوجدنا السمن فيها كثيرا جدا، ويباع رخيصا جدا،
فمكثنا فيها قدر ساعة تقريبا، ورحنا منها، وحبسنا الوحل ليلتين
اخريين، ثم وصلنا بعد الظهر بعد تعب كثير في السيارات المذكورة
قبل، فنزلنا عند رجل اسمه الحاج بو سفيطة، فقدم لنا نوعا من الخبز
إدامه اللبن الرائب، وما قدرنا على سد حلة الجوع منه، واجتمع بنا
قرب المغرب ضابط البوليس محمد عباس بخيت فاوانا و كرمناه
ومن الغد كان مقيلنا عند رجل منا قاطن بمدينة "الفاشر" اسمه
سيدي محمد بن احمد سيدي، وأكرمنا وفرح بنا، وسافرنا آخر ذلك
اليوم متوجهين إلى جهة الأبيض، فمكثنا دونه ليلتين، ومررنا بمحطات
ولم نلبث في شيء منها، منها محطة صغيرة اسمها "ام كداده" وقرية
اسمها "النهود"، وغيرها لم أعرف اسمه، ونزلنا "الأبيض " اول النهار،
فنزلنا عند رجل اسمه محمد خير، ومكثنا في قرية الابيض ليلتين،
وصاحبنا الذي نحن في ضيافته يرسل لنا في يومينا قرب الغروب قطعة
من عصيدة الدخن عليها بعض إدام، فمرة تركنا و كلنا من زادنا، ومرة
تناولنا منها. فتذكرت قول الشاعر:
الجوع يطرد بالرغيف اليابس فعلام تكثر حسرتي ووساوسي
والموت سوى حين عدل قسمه بين الخليفة والفقير البائس
ثم ركبنا في قطار الحديد من "الأبيض" متوجهين إلى
"الخرطوم "، فمكثنا دونه ليلتين، ومررنا بقرى كثيرة ما نزلنا في شيء
منها، ولا عرفنا فيها شيئا إلا قرية يقال لها: "وادي مدني " سماها لنا
واحد من الراكبين معنا، وقف بنا القطار فيها قليلا ثم سار، ثم قدمنا
105

الصفحة 105