كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

إلى بلد "الخرطوم" أول النهار، فنزلنا عند رجل اسمه عبدالباقي
عبدالباقي، فأظهر لنا البشاشة، فبعد نزولنا بقليل جاءنا خونا الفقيه
الأديب الشيخ محمد محمود بن الشيخ عثمان المعروف بابن عميرة
الجكني الذي يقول عن لسان الحال:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني
فأنسنا بقدوم أخينا المدكور.
وفي ليلتنا الاولى اجتمع بنا رجل من العلماء المدرسين في
المعهد الديني في "أم درمان " اسمه الشيخ إبراهيم يعقوب، فسالني
سؤالا منطقيا عن القضايا الموجهة، وعن بسائطها ومركباتها؛ فأجبته
بإيضاح ما سأل عنه، وأخبرته بأن الجهة في اصطلاح أهل المنطق هي:
اللفظ الدال على المادة. والمادة عندهم كيفية نسبة المحمول إلى
الموضوع في نفس الأمر؛ لان المحمول صفة، والموضوع موصوف،
وثبوت الصفة لموصوفها مختلف في الكيفية؛ لانه تارة يكون واجبا لا
يقبل العقل نفيه بحال، كثبوت العلم والقدرة دده تعالى، وكون الكل
أكبرمن الجزء، والواحد نصف الاثنين، وتارة يكون جائزا يقبل العقل
نفيه، كثبوت الشجاعة والكرم لزيد مثلا.
ثم إن المحمول يكون تارة دائما للموضوع لا يفارقه بحال، كما
في قولك: "الانسان حيوان "؛ لدوام اتصاف الانسان بالحيوانية، وتارة
يكون غير دائم له، كقولك: "الكاتب متحرك الاصابع "؛ لان حركة
الاصابع ليست دائمة، بل وقت الكتابة فقط.
106

الصفحة 106