كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

والضرب الثاني منه: هو حمل لفظ وقع في كلام الغير على معنى
يحتمله كلامه، وليس هو مراده، وذلك الحمل إنما يكون بذكر متعلق
اخر غير المتعلق الذي يقصده المتكلم، أعني بذلك المتعلق شيئا
يناسب المعنى المحمول عليه، سوا! كان متعلقا اصطلاحيا كالمفعول
والجار والمجرور، أو لا، فالاول كقوله:
قلت: ثقلت إذ أتيت مرارا قال: ثقلت كاهلي بالأيادي
قلت: طولت قال: لا بل تطؤلت وابرمت قال: حبل ودادي
والشاهد في قوله: "ثقلت وأبرمت" دون "طولت"؛ لأن مراده
بقوله: "ثقلت" يعني عليك بأن حملتك المؤنة الثقيلة والمشقة بإتياني
مرارا، فحمله المخاطب على غير مراد المتكلم بأن جعل معناه أن كثرة
زيارته له نعم منه عليه، ومنن أثقل حملها كاهله، وهو مابين كتفيه.
وقوله: "ابرمت" يعني ابرمتك - اي امللتك بكثرة ترددي عليك.
فحمله المخاطب على غير مراد المتكلم لأن جعل معناه: أبرمت - أي
أتقنت وأحكمت - حبل الوداد بيننا بكثرة زيارتك لي.
فأما قوله: "طولت" فليس من القول بالموجب لأن المخاطب
صرح بنفيه، حيث قال: "لابل تطولت " فلم يقل بموجبه بل نفى موجبه
صريحا.
ومن هذا النوع الذي متعلقه اصطلاحي قول القاضي الأرجاني:
غالطتني إذ كست جسمي الضنا كسوة عرت من اللحم العظاما
ثم قالت أنت عندي في الهوى مثل عيني، صدقت لكن سقاما
147

الصفحة 147