كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

لأن مرادها بقولها: "مثل عيني " أنه كعينها في المحبة إليها،
فحمله على غير مرادها، بأن قال بانه كعينها في السقم؛ لانه سقيم من
حبها، فأشبه عيمها، وسقم أعين النساء ضعف خلقي وتكسر يكولى في
جفونهن. وقوله: " لكن سقاما" بين فيه مراده بمتعلق اصطلاحي وهو
التمييز، لأن التمييز متعلق بعامله، والمعنى: صدقت في تماثلي مع
عينها، ولكن لا في الحس إليها، بل في كون كل منا سقيما.
ومن هذا الضر! قول ابن دويدة المغربي من أبيات يخاطب بها
رجلا اودع بعض القضاة مالا فادعى القاضي ضياعه:
إن قال قد ضاعت فصدق أنها ضاعت ولكن منك يعني لو تعي
أو قال قد وقعت فصدق أنها وقعت ولكن منه أحسن موقع
فقد حمل الكلام على غير المراد به بذكر متعلقه الاصطلاحي وهو
الجار والمجرور الذي هو " منك " في البيت الاول، و" منه " في الثاني.
ومن هذا الضرب قول الاخر:
وقالوا قد صفت منا قلوب لقد صدقوا ولكن من وداد
فالمراد صفاء قلوبهم من الغل والدنس. فحمله المخاط! على
صفاء قلوبهم، أي فراغها وخلوها من مودته.
وأما البيتان اللذان قبل هذا البيت وهما:
وا خوان حسبتهم دروعا فكانوها ولكن للأعادي
وحلتهم سهاما صائبات فكانوها ولكن في فؤادي
148

الصفحة 148