كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام - ط عالم الفوائد

أو حمل ما وفع للغير على غير مراد إذ لهذا احتملا
ثم طلب منا بعض حذاق الطلبة ان نتكلم لهم عن القادح المسدسى
"فساد الوضمع "، والقادح المسمى "فساد الاعتبار" وأن نبين لهم تحقيق
النسبة بينهما.
فكان جوابنا أن قلنا: سنبين لكم فساد الوضمع وفساد الاعتبار،
والنسبة بينهما.
أما فساد الوضمع فهو كون الدليل قياسا أو غيره ليس على الهيئة
الصالحة لاعتباره في ترتيب الحكم عليه، كأن يكون صالحا لضد ذلك
الحكم أو نقيضه، كأخذ التوسيع من التضييق، وأخذ التخفيف من
التغليط، وأخذ النفي من الاثبات، أو الاثبات من النفي، وككون
الوصف الجامع ثبت اعتباره بإجماع أو نص من كتاب أو سنة في نقيض
الحكم أو ضده في دليل المستدل، قياسا كان أو غيره.
مثال فساد الوضمع بأخذ التوسيع من التضييق قول الحنفية: الزكاة
واجبة على وجه الإرفاق لدفع حاجة المسكين، فكانت على التراخي،
كالدية على العاقلة. فالتراخي الموسع ينافي دفع الحاجة المضيق،
والمراد بالرفق الرفق بالمالك، ومن فوائد كونها على وجه الارفاق به
تجويز إخراجها من غير المال الذي وجبت فيه، وامتناع أخذ الكريمة
من غير طيب نفس.
ومثال أخذ التخفيف من التغليط قول الحنفية: القتل عمدا جناية
عظيمة لا تجب له كفارة، كالردة. فعظم الجناية يناسب تغليظ الحكم
151

الصفحة 151